“الكورد” و ليس “الكُرد” و لو كره العنصريون محمد مندلاوي
من هذا، حيث نعلم أن الحياة لم تكن في عصره بهذه الصورة
التي نحن عليها حيث الصحافة و القنوات الفضائية و الانترنيت و غيرها من
الابتكارات المتقدمة، و إلا لما كان الإمام يترك هذا الجانب دون الإشارة
إلى العاملين في مجال الصحافة و التأليف من كُتّاب و صحفيين ومنهم من يحمل
قلماً ينفث سموماً. الذي دفعني لهذه الإضافة على قول ذلك المعصوم هو ما
نقرأ اليوم و ما يصدر من مداد أقلام العنصريين، الذين يسطرون بمداد
أقلامهم كلاماً مشوهاً مزوراً ضد الشعب الكوردي المضطهَد التواق للحرية،
حيث يشوهون صورته و تأريخه و حضارته و هو الذي يناضل منذ عقود بأسلوب
حضاري من أجل الخلاص من نير الاحتلال الجاثم على صدره من قَبل شعب يدّعي
الجيرة و المصير المشترك. الشعب الكوردي لم يقم خلال تأريخ نضاله الطويل
من اجل التحرر بأي عمل يلطخ صفحات تأريخه الناصع.
من أصحاب هذه
الأقلام السوداء بلون قلوبهم الدكتور سيار الجميل. هذا الرجل في معظم
مقالاته، يحاول اللعب بالكلمات و المصطلحات، كأن الكورد لا يقرؤون الكلام
الذي بين السطور وما خلفها. في مقاله الذي تحت عنوان (الألفاظ المستعارة..
رسالة إلى كلَ الكُتاب العراقيين) و الذي نشره بتأريخ 2009.09.14، لم يكتب
الدكتور سيار هذه المرة بأسلوب غير مباشر، الذي عاهدناه في كل مرة، حيث
يقذف قنابله الصوتية هنا و هناك، بل هذه المرة تحدث أو بالأحرى تهجم بشكل
سافر كما يظهر في انفعاله من خلال سياق مقاله قد أدرك أن الشعوب غير
العربية ومنها الشعب الكوردي بدأت بعد ثورة الانترنيت و الفضاء المفتوح
يخطو خطوات ثابتة و جريئة نحو التحرر الفكري من رواسب الأفكار البالية
التي فُرضت عليه بحد السيف في عصور الظلم و القهر و الاستبداد. من الطبيعي
أن الدكتور سيار كشخص مشبّع بالثقافة العروبية، الثقافة التي ينظر معتنقها
نظرة عنصرية تجاه الآخر، لا تروق للدكتور هذه الانعطافة التأريخية التي
ستجعل من كل فكر ولغة لا تواكبها أن تأخذ طريقها إلى المتاحف. ولهذا
يريدنا الأستاذ سيار الجميل أن نبقى أسرى للغة البسوس و داحس و الغبراء و
تحت الوصاية الفكرية لثقافة الصحراء العنيفة و المتخلفة.
لنقرأ مقاله
فقرة بعد فقرة و نعقب عليه ليعرف القارئ نمط أسلوبه في طريقة توصيل أفكاره
إليه بغية تشويهه وهذا هو الأسلوب المتبع لدى الأعلام العروبي لتشويه
الحقائق على الأرض، حيث بات المتلقي العربي لا يعرف ماذا يجري حوله بسبب
هذه التلفيقات و الأكاذيب التي يحشون بها رأسه ليل نهار. يقول الدكتور
سيار في عنوان الفقرة الأولى من مقاله: العراق منجم خصب للعربية. هنا
يحاول من خلال هذه التسمية لعنوان الفقرة إظهار العراق وكأنه بلد عربي و
هويته عربية. إنها محاولة عنصرية مفضوحة. إذا العراق منجم اللغة العربية،
أين نضع الجزيرة العربية التي هي منبت العرب و مهبط القرآن الذي وحد العرب
لغة و شعباً و حفظهما من الاندثار؟! ثم أين نضع مصر و القاهرة الفاطمية و
جامع ثم جامعة الأزهر المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية اللغوية العالمية
الأكبر في العالم و الذي تأسس في سنة (970) ميلادية؟ أين نضع سوريا و دمشق
عاصمة الدولة الأموية التي تشهد على ريادتها لقرون خلت الأبنية و الآثار
الموجودة فيها لليوم؟ ثم المغرب و الرباط و غيرهما. أين الحضارة العربية
في العراق أو بغداد باستثناء مدرسة المستنصرية اليتيمة؟ ماذا تستطيع تكون
بغداد بين هذه الدول و المدن التي ذكرناها؟ لنكن واقعيين و لنقول أن أكثر
هذه الآثار و الأبنية الباقية لم تُقِمها أيادي عربية و ليست من بنات
أفكار العرب، بل هي من إبداعات و مخلفات شعوب ما قبل الغزو العربي لتلك
البلدان. حتى اللغة العربية نفسها وضع قواعدها أناس من غير العرب و أولهم
(ابن سيبويه)، ولادته (140)هجرية و وفاته (180) هجرية وهو "فارسي"، حيث
كان يشم التفاح (التفاح بالكوردية و الفارسية تسمى "سيب" و الشم "بو"ً
لذلك سُمي ب"سيبويه". يتساءل المرء كيف يطلق هذا الاسم الفارسي على شخص
عاش في مدينة (عربية) وهي (البصرة)؟ يستدل المرء من هذا أن سكان البصرة في
ذلك العصر كانوا كورداً و فرساً لأن العقل و المنطق لا يقبلان إطلاق تسمية
باللغة الكوردية أو الفارسية على شخص يعيش في مدينة عربية وفي وسط مجتمع
عربي. لنعود إلى كلام الدكتور سيار و قوله "العراق منجم خصب للعربية". ألا
يعرف الدكتور في ظل العراق الفيدرالي لا يحق للعربي أن يدعو إلى عروبة
العراق ولا للكوردي إلى كوردستانيته ما دامت دولة العراق الفيدرالية
قائمة، لأن الشعبين قررا بمحض إرادتهما دمج بلديهما أو إقليميهما في اتحاد
فيدرالي. هذا القرار الذي اتخذه الشعبان بتأسيس اتحاد بينهما يساوي لكل
طرف منهم قراراً بالاستقلال من حيث المبدأ، لذا العراق و كوردستان إقليمان
متحدان تحت راية دولة تسمى العراق الفيدرالي وكل جانب يملك جميع الحقوق
التي يملكها الجانب الآخر بالتساوي و ليس لأحدهما الأولوية أو الأفضلية
على الجانب الآخر، حتى أن استخدام ممثلي العراق اللغة في المحافل الدولية
يجب أن تكون وفق آلية و ضوابط حيث لا تكون باللغة العربية فقط، لكي لا
تسيّد هذه اللغة على لغة الشريك في الاتحاد الفيدرالي، بحيث يكون الحديث
في تلك المحافل بها فقط. لكن الدكتور بهذا الكلام الذي كان سائداً في زمن
الطاغية صدام حسين، يحاول دغدغة مشاعر العروبيين، وهو يعلم جيداً أن هذا
الكلام انتهى زمنه في تسعة نيسان 2003.
مازلنا في الفقرة الأولى من
مقال الدكتور سيار الجميل والذي يقول فيها: لغتنا العربية لم تنغلق أبداً
على نفسها منذ أن وجدت حتى يومنا هذا، فهي من أخصب اللغات و أكثرها تفاعلا
مع غيرها … بل وأنها قد ضمنت مفردات و مصطلحات لا تعد و لا تحصى عن لغات
أخرى. نسأل الدكتور أي تفاعل يتحدث عنه، التفاعل الذي لم يستسيغ كلمة
(ساندويج) و ابتكر اسماً كاريكاتيرياً لها "الشاطر و المشطور و بينهما
كامخ"؟ أ هذا تفاعل لغوي أم جمود لغوي، حيث أن العربية لغة ترفض التفاعل
مع اللغات الأخرى؟ ألا يعرف الدكتور رفض رجال الدين و على رأسهم الأزهر
لأي مساس أو تحديث أو (تفاعل) في اللغة العربية و يعتبرونه مساس بالدين
الإسلامي و مقدساته؟ لنرى كيف تفاعلت اللغة العربية مع اسم جهاز
"الكومبيوتر"، حيث لم تستطع اللغة العربية هضمها أو استيعابها، لذا أطلقت
عليها اسم "الحاسوب الآلي". لا نعرف ماذا نسمّي الحاسوب الذي نحسب به
(حويسب) مثلاً، أو جهاز (الموبايل) الذي سميت في العربية خلوي و جهاز
التليفون نفسه يسمى هاتف، أي هتاف هذا إذ يتصل بك أحدهم من أوروبا وأنت
تهتف له من كندا؟ أي هتاف هذا الذي يصل كل هذه المسافة التي تعد بآلاف
الكيلومترات،أن هذه الكلمة لا توجد في القواميس العربية القديمة وتداركوا
الأمر أصحاب القواميس الحديثة وقالوا: صوت خفي يسمع ولا يرى صاحبه. هناك
المئات بل الآلاف من هذه الكلمات التي لم تستسِغها ولم تتفاعل معها اللغة
العربية، لذا أوجدوا لها أسماء لا تفي بالغرض وبعيدة كل البعد عنها كالذي
تطرقنا إليه أعلاه.
إن الدكتور سيار في أكثر مقالاته يلعب بالكلمات
ويحسب نفسه يجيد هذا الأسلوب دون سواه، مع العلم أن هذا الأسلوب يحط من
قيمة الكاتب ويفقد مصداقيته عند القراء و المتتبعين لمقالاته. لنأخذ
نموذجاً من هذا اللعب بالكلمات التي يتبعه الدكتور. يقول في الفقرة أعلاه
"إنها ضمنت مفردات الخ" يقصد اللغة العربية ضمنت من اللغات الأخرى. لماذا
هذا التعبير الغامض و الذي لا يفي بالغرض؟ لماذا لا يقول "استعارت"؟ هل هو
عيب أن تستعير اللغة العربية من لغات أخرى التي هي أقدم و أشمل من
العربية؟ هنا ينكشف أمر الدكتور سيار بأنه لا يجيد اللعب بالكلمات، حيث
يقول مباشرة بعد مصطلح "ضمنت" كلاماً يدينه حيث يقول: (وأن لغات أخرى قد
استعارت من العربية قدرا لا يستقصى من الألفاظ و التعابير). نلاحظ في
كلامه أن العربية "ضمنت" و الشعوب الأخرى "استعارت". من خلال سياق مقاله
في إحدى الفقرات يقول أن العربية "استعارت" إلا أنه كيف يقولها، هذا ما
سوف نتطرق إليه لاحقاً في الفقرات التالية. يضيف الدكتور في آخر الفقرة
الأولى من مقاله معاتباً أصحاب الشأن في اللغة العربية: (إن بقينا، هكذا
على حالنا و اللغة مسحوقة من هذا الطرف أو ذاك الجانب، فأنها ستغترب عن
سيرورتها الحية، و تصاب بالجذب)، ثم يضيف (كم من لغة تقلصت و انكمشت و غدت
رهينة الآفات و الاستعارات و المعابد الخ) الدكتور قبل قليل يقول بأن
العربية تتفاعل مع جميع اللغات و غير منغلقة على نفسها منذ أن وجدت. إذاً
لماذا هذا الخوف عليها إن لم يكن الدكتور سيار يعرف جيداً أنها لغة جامدة
و لا تواكب التطور الذي حدث و يحدث على كوكبنا بعد عصر الانترنيت و الفضاء
المفتوح، حيث البقاء للأصلح ومن لم يكن لديه مؤهلات البقاء ولم يواكب
الحضارة سيصبح خارج التأريخ هو و لغته.
الفقرة الثانية، تحت عنوان:
العربية حراك كل الجاليات. يتحفنا الدكتور في هذه الفقرة بأن اللغة
العربية لغة حية و قديمة و حضارية و لها تفاعلاتها منذ عصور خلت ليس بسبب
نزول القرآن الكريم بها، بل لكثرة ما أنتج من إبداعات، و ما كتب فيها من
نصوص، إذ يعد التراث العربي أغنى تراث كتابي في العالم، و مركزية هذا
التراث هو العراق .. وعليه لم تكن العربية في يوم من الأيام لغة متهرئة
أو منكمشة أو منعزلة أو قمينة أو محلية أو شبه ميتة .. و حتى مع وجود لغات
محلية أخرى في العراق. انتهى قول الأستاذ سيار. الدكتور سيار قبل قليل في
الفقرة الأولى يذكر بأن منزلة اللغة العربية قد تدنت اليوم كثيرا بين
اللغات الحية و على أيدي أبنائها أنفسهم، ماذا يعني الدكتور ب(منزلتها قد
تدنت كثيرا وعلى أيدي أبنائها)؟ هل أن أبناء لغة ما يتخلون طواعية عن
لغتهم إذا كانت تلك اللغة تفي بمتطلباتهم الحياتية ولم تكن عائقة أمام
تطورهم؟ أم يتخلون عنها بسبب أنها لم تواكب الحضارة و تحتضر؟ و يضيف في
هذه الفقرة (و حتى مع وجود لغات محلية أخرى في العراق … الخ ). الدكتور
الأكاديمي بكل بساطة و بجرة قلم جعل اللغة الكوردية لغة محلية في العراق و
كأنه لم يقرأ المادة (4) في الدستور العراقي الدائم، الذي صوتت عليه
غالبية الشعب العراقي و التي تنص على: اللغة العربية و اللغة الكوردية هما
اللغتان الرسميتان للعراق، و يضمن حق العراقيين بتعليم أبنائهم باللغة
الأم كالتركمانية، و السريانية، و الأرمنية في المؤسسات التعليمية
الحكومية وفقاً للضوابط التربوية أو بأية لغة أخرى في المؤسسات التعليمية
الخاصة … إلى آخره. الظاهر أن الأستاذ الجميل يدق على وتر العنصرية و لم
يتحرر بعد من تلك المقولات الصدامية العروبية التي تنظر إلى الآخر نظرة
دونية. ثم يقول في نفس الفقرة (إلا أن الجميع يستخدم العربية لعظم وظائفها
وقوتها وحيويتها وسعة انتشارها ليس بين العرب أنفسهم ، ولكن لدى قوميات
وشعوب عدة). هذا كلام غير صحيح، إن سبع ملايين كوردي في كوردستان لا
يجيدون العربية و أن أجاد بعضهم فهي عربية ركيكة غير مفهومة تم فرضها
عليهم زمن الاحتلال العربي لكوردستان التي دامت عدة عقود، و خير دليل على
أن الكوردي لا يجيد اللغة العربية و لا يلفظ حروفها بشكل صحيح لأنه ينتمي
إلى عرق غير سامي وهو عرق آري، هو تكلم مام جلال بالعربية. رغم أنه درس في
جامعة بغداد و لا يخطأ في قواعد اللغة العربية ألا أنه يتحدث بها بصعوبة و
بلكنة كوردية واضحة. هذا بالنسبة لشخص مثل مام جلال، المثقف و السياسي
المتمرس الذي يجيد خمس لغات غير لغته الكوردية، فكيف بغالبية الشعب
الكوردي الذين لم يكملوا دراساتهم في المدارس العربية أو حتى لم يزوروا في
حياتهم مدناً سكانها من العرب؟! يذكر الدكتور سيار أن الكورد يطربون لأغان
عربية. هذا أيضاً كلام غير صحيح. لربما أن الأستاذ الجميل قريب من بعض
المرتزقة الكورد الذين مشكوك في هويتهم و يطربون للغناء العربي وهم في
الأصل منتمون إلى حزب البعث الفاشي، أي أنهم تخلوا عن شعبهم مثل المقبور
طه الجزراوي و ارتبطوا بشعب آخر برغم شعار ذلك الحزب الذي يقول "أمة
عربية واحدة ذات رسالة خالدة"، لذلك تخونه نباهته و يظن أن الكورد يطربون
للغناء العربي. إن الكورد لهم فنهم الخاص بهم و موسيقاهم و أطوار عديدة من
مقاماتهم و التي استعار و اقتبس العرب منها الكثير. و يضيف الدكتور سيار
أيضاً بأن اللغة العربية هي لغتهم الأساسية في الحياة ليس باستطاعتهم
العمل أو إدامة الحياة من دونها. يظهر أن الكاتب لم يطّلع جيداً على اللغة
الرسمية للإمبراطورية الميدية التي كانت تبسط نفوذها على رقعة شاسعة من
الشرق الأوسط في القرن السابع قبل الميلاد، و كذلك الإمبراطورية الساسانية
التي حكمت قبل ما يقارب (2000) سنة و طاقها المعروف ب"طاق كسرى" الواقع
قرب بغداد خير شاهد على تلك الحضارة العريقة. ثم ألم يسمع الدكتور باسم
(إقليم كوردستان) و الظاهر أنه لم يتحمل حتى النظر في اليافطات التي تظهر
على شاشات القنوات التلفزيونية و المدونة باللغة الكوردية و لم يشهد
النصوص التي تظهر في القنوات الكوردستانية بتلك اللغة. أما أننا نكتب
بالعربية فهو للرد و التوضيح لما يخفى على العرب حول الأمة الكوردية و
حضارتها وتاريخها، حيث نحن نكتب بلغتنا الأم التي تعلمناها بمجهوداتنا
الشخصية لأنها كانت ممنوعة من قبل الحكام العروبيين. ثم لنفرض جدلاً أن
الكورد يكتبون بالعربية، أليس هذا عار على من كان يمنع الكوردي من تعلم
لغته و يفرض عليه لغة غريبة عنه بالإكراه؟!! في ذات الفقرة يعترف الدكتور
بأن العربية استعارت ألفاظ من لغات أخرى. يقول "كلمات" بل "ألفاظ" وهذا له
مغزى، بل حتى هذا كيف يقولها و بأي قالب يضعها لنرى. يقول العربية
استعارت، لكن اللغات الأخرى التي استعارت العربية منها أنها تعتاش على
العربية. حيث يقول: وقد وجدنا العربية كم أخذت من ألفاظ فارسية وهندية
ويونانية وسريانية ولاتينية ..و تركية. نلاحظ أنه لا يذكر "كلمات" بل
"ألفاظ" و أنه يستثني الكوردية من بين اللغات التي استعارت العربية منها.
نسأل ألم يعش الشعبان العربي و الكوردي ك"جارين" طوال قرون عديدة، إذا
استثنينا الاحتلال العربي لكوردستان في العصر الحديث؟ ألم تستعير العربية
من الكوردية أي شيء يذكر؟ لا حظ هنا ماذا يقول الدكتور عن الشعوب التي
استعارت من العربية و حشره للغة الكوردية بينهم. لا يقول أن هذه اللغات
استعارت من العربية لكنه يقول: وبالمقابل ، فان اللغات الفارسية والتركية
والكردية والامازيغية والحبشية والسواحيلية .. قد اعتاشت جميعها على بحر
اللغة العربية. لاحظ التعبير الاستعلائي! لا يقول "استعارت" وهذا ديدن
العروبيين. الدكتور هنا يقول استعارت العربية، ثم يزعم أن اللغات الأخرى
تعيش على بحر العربية. لاحظ الكلام جيداً "قد اعتاشت على بحر العربية". إن
مغزى كلامه لولا العربية لم تستطع هذه اللغات تستمر إلى اليوم، إذاً ما
الضير إذا استعارت العربية بضعة ألفاظ منها و هي منقذها من الهلاك و
الفناء؟! هنا أذكر عدداً من الكلمات الكوردية التي استعارتها العربية على
سبيل المثال لا الحصر و إلا فأن اللغة العربية قد استعارت الآلاف من
الكلمات الكوردية، حيث يذكر البروفيسور جمال نبز في كتابه المعنون
(المستضعفون الكورد و إخوانهم المسلمون) في صفحة (15) ما يلي: لما كانت
اللغة العربية وهي لغة البداوة عاجزة عن سد متطلبات و حاجات المعاملات
الرسمية، فقد اضطر العرب أن يُدخلوا إلى اللغة العربية آلافاً من الكلمات
الكوردية الأصيلة، فكلمات الدستور و الجمهور و الجزية و الهندسة و النموذج
و الساذج و السركال و الدَست و السلطة و الحرف و البريد و العسكر و الحملة
(هذه الكلمة من كلمة "هه لمه ت") و القلم و الدفتر و التأريخ و الوزير و
الفردوس و الجهنم و السراط و المسجد و الديوان و الفولاذ و البابوج و
الخانة و الجوراب و الخزانة و الدولاب و الورق و البرق و الفن و
البيمارستان …الخ مأخوذة من اللغة الكوردية.
نأتي إلى الفقرة الثالثة
و التي يضعها الدكتور سيار تحت عنوان: دعوها.. فهي الفاظ و مرادفات عربية،
حيث يدافع فيها عن التدوين الخاطئ لاسم الكورد عند العرب و الذي هو عندهم
"الأكراد و الكُرد" و يذكر بأنها هكذا وجدت في مواريثنا و تأريخنا. طيب أن
الكاتب هو شخص أكاديمي و باحث و أن عمل الباحث هو البحث في جذور هذه
الأشياء لتصحيح الأخطاء أو التشويه إن وُجدت. هل بحث الكاتب في أصل و
تأريخ هذا الاسم، (الأكراد)؟ هل تم إطلاق هذا الاسم على الكورد بهذه
الصيغة ليناسب اللفظ العربي أم أنه نتيجة مؤامرة كبيرة على الأمة الكوردية
قادها الفرس القدماء ومن ثم شاركهم العرب و الآخرون فيها منذ زمن ليس
بقريب و كان الهدف منها هو أن يعرّف الأكراد كالأعراب و ليس العرب و
كالأتراك و ليس الترك؟ أود هنا أن أسرد حادثة حدثت لي و التي لها علاقة
بهذا الموضوع. في إحدى الليالي حضرت محاضرة لأحد الخطباء الذي كان يحمل
لقب "دكتور"، بعد الانتهاء من محاضرته سؤل من قبل الحاضرين بعض الأسئلة،
من ضمنها سؤال ساذج سأله أحد الحاضرون وهو: هل يجوز أن نتصاهر مع الأكراد؟
قال الدكتور المحاضر أنه لا تجوز مصاهرة الأكراد لأنهم قوم من الجن، كشف
عنهم الغطاء و ثم قام بسرد القصة الخرافية التي تذكرها تلك الكتب التراثية
العربية التي يشهد بها الدكتور سيار في مقاله، حيث أن هؤلاء من بلقيس زوجة
سليمان التي تصرف الجن بها. سألتُ الدكتور المحاضر من أين أتى بهذا الكلام
فأجابني بأنه من عند المراجع. كان يقصد مراجع الدين. قلتُ له طيب، هل أنت
على استعداد لنناقش الموضوع أمام الحاضرين؟ إلا أنه لم يُجب على سؤالي.
كررتُ عليه السؤال، إلا أنه لم يرد هذه المرة أيضاً. قال أحد الحاضرين
للمحاضر بأنني أطلب منه مناقشة كلامه حول (الأكراد). كان رد الدكتور
الأكاديمي و بلهجته العراقية: "هذا شمفهمه خلي يروح". قلتُ له: طيب أنا لا
أفهم وأنت واثق من ادعائك فناقشني و اجعلني مادة للسخرية أمام الحاضرين،
لكنه أبى و لم يقبل، فتركتُ المكان، عائداً إلى منزلي. في اليوم التالي
جاءني الشخص الذي طلب من المحاضر أن يناقشني و لامني بسبب رفضي لإدعاء
المحاضر، حيث أن رواية المحاضر عن الكورد موجود في المصادر التأريخية. قلت
له: أتعرف في أية سنة كان حكم سليمان الحكيم؟ قال كلا. أتيتُ له بالمنجد
العربي و قلتُ له اقرأ النص عن سليمان النبي الذي ولادته كانت في عام (
950 ) ق.م. قلت له طيب أتعرف متى ولد النبي إبراهيم الذي يُدعى بأبي
الأنبياء؟ قال بلى (1800) سنة ق.م. قلتُ له هل قرأتَ عن الذي أشار على وضع
إبراهيم في المنجنيق و رميه به؟ قال بلى، يقال في المصادر الإسلامية إنه
إنسان كوردي. قلتُ له طيب دون أن نناقش حيثيات هذا الكوردي دعنا نقارن بين
التأريخين كم الفرق بين العهدَين؟ بعد برهة قال النبي إبراهيم يسبق النبي
سليمان ب(850) سنة. قلتُ له ماذا تقول الآن عن كلام الدكتور؟ قال كلامه
سخيف. قلتُ لكن هذا ليس كلامه بل هو كلام نابع من التراث الإسلامي، ارتبك
الرجل و أجاب بأنه لا يدري. هناك مصادر أخرى جاءت فيها ذكر اسم الكورد قبل
ولادة النبي إبراهيم أو تزامن معها كألواح سومر الموجودة في متحف اللوفر
في باريس التي جاءت فيها ذكر إمارة كوردا التي كانت في كوردستان في منطقة
شنگال (سنجار) التي أشار لها باحث الآثار الفرنسي، (جان ماري دوران) الذي
نشر في باريس، سنة (1997)، ترجمة اللوحات الأثرية (السومرية)، التي تتعلق
بالممالك التي شهدتها (كوردستان)، في (الألف الثاني) قبل الميلاد، و يشاهد
في هذه الألواح، اسم إمارة كوردا، التي كانت في جبل شنگال (سنجار)، وغرب
كوردستان المحتلة من قبل سوريا، (جان ماري دوران – وثائق مراسلات قصر ماري
– المجلد الأول 645 صفحة، مطبعة سيرف باريس، 1997 والمجلد الثاني 688 صفحة
عن إمارة كوردا، انظر المجلد الأول الصفحات:60، 393، 414، 415، 416، 423،
427، 433، 503، 515، 517، 604، 605، 617، 622).
في الحقيقة فأنّ جانباً
كبيراً من التراث الإسلامي عامة و العربي خاصة هو عبارة عن أساطير خرافية،
يجب تنقيته من هذه الخرافات، خاصة تلك التي لا تتماشى مع العقل و المنطق و
تشوه الشعوب و الأمم التي خلقها الله بأحسن تقويم. الدكتور سيار جاء
متأخراً ليدلو بدلوه في هذا المضمار دون أن يتأكد من حيثيات هذه التسمية
المشبوهة (الأكراد) و الذي الهدف منها واضح وهو تقزيم الكورد و تشويه
تأريخهم. و كان الفرس هم البادئون بها بعد تغلبهم على الإمبراطورية
الميدية الكوردية. منذ ذالك اليوم و إلى يومنا هذا لم يترك الفرس أية فرصة
سانحة إلا و أساؤوا فيها للكورد. العرب، بعد نشر الإسلام ورثوا الكثير من
تراث الفرس بل أن الكثير من المفسرين و أصاحب المذاهب الإسلامية هم من
الفرس. هذا هو أصل التسمية قالوا "أكراد" ليضعوهم بجانب الأعراب و الأعراب
أشد كفراً ونفاقاً، أي أن الهدف منذ اليوم الأول لإطلاق اسم " الأكراد"
على "الكورد" هو تشويه الأمة الكوردية. إنّ مَن يحاول التمسك بتلك التسمية
هدفه واضح. لمن يريد المزيد حول هذا الموضوع يمكنه مراجعة سلسلة مقالات
للدكتور (أحمد خليل) و المعنونة (سلسلة دراسات في التأريخ الكردي) و
المنشورة في المواقع الإلكترونية. يقول الدكتور سيار الجميل بأن اسم
الأكراد هكذا كُتب في كتب التأريخ العربي، و اسم (الأهواز) مكتوب هكذا في
جميع المصادر العربية. هنا أسأل الكاتب لماذا تم تغيير اسم (الأهواز) في
أواخر القرن العشرين من قِبل بعض الدول (العربية) إلى (الأحواز)؟ وهكذا
بالنسبة لاسم (الخليج الفارسي) الذي مذكور بهذا الاسم في جميع المصادر
العربية و كذلك مثبت في الأمم المتحدة تحت هذه التسمية. لماذا أصبح هذا
الاسم لدى العرب منذ سنة 1957 (الخليج العربي). إن اسم (الخليج الفارسي)
موجود في التراث العربي بهذه الصيغة، فكيف تقومون بتغييره؟ أليس هذا هو
جريمة بحق تلك المصادر العربية القديمة؟! دولة اليونان مذكورة في جميع
المصادر العربية القديمة باسم ال(إغريق) كيف تحول اسمها في العصر الحديث
إلى ال(يونان)؟ أليس يجب أن تبقوا أوفياء لتلك المصادر "المقدسة" و لا
تتخلوا عنها و تستمروا في تسمية اليونان بلاد (الإغريق) لأنها هكذا كانت
موجودة عندكم؟ يعرف الدكتور جيداً أن هناك أسماء أخرى كثيرة تم تغييرها
عند العرب لأن الزمن تغيّر. اللسان العربي قد تغيّر بدوره أيضاً، حيث أنه
ليس ذلك اللسان الذي كان يتكلم به العرب في صدر الإسلام. لذلك فأن
استمرارية هذه التسميات الخاطئة في عصرنا، عصر الانترنيت و الفضاء المفتوح
و سرعة الاتصالات فأنها سوف تشوه الشعوب الأخرى غير العربية أكثر، حيث أن
هذه التسميات تم فرضها عليها و أنها مرغمة أن تذكر هذه الأسماء بالطريقة
العربية الخاطئة. على سبيل المثال و ليس الحصر، إلى يومنا هذا يقول
الإيراني ل(أسپهان) (أصفهان). عندما يأتي الباحث أو المتتبع و يفسر اسم
(أصفهان) لا يحصل على أي معنى له لغوياً، إلا إذا عدنا إلى اسمها الأصلي
الصحيح، (أسپهان)، تماماً مثل اسم ال(كورد) و (الأكراد). (الكورد) معناه
معروف، لكن ما معنى كلمة (الأكراد) لغوياً؟ كذلك اسم إقليم ( آذربايجان)
الذي هو في الأصل (آتروپاتگان)، حيث عُرّب إلى (آذربايجان) من قِبل العرب
و فُرض هذا الاسم على الآخرين. في طهران يوجد شارع (بوذرجمهر). عندما يفكر
المرء في الاسم و يريد التوصل إلى مدلوله، فأنه لا يفلح في مسعاه، لأنه لا
يعني شيئاً بصيغته العربية، بينما في الواقع أن الاسم الصحيح الذي يحمله
الشارع المذكور هو (بزرگ مهر) الذي هو اسم الأديب و الحكيم الذي کان
وزیراٌ لکسرى أنوشيروان. أ هذا الذي يريده الدين الإسلامي أن تفرض لغتك
على الآخرين؟ إذا كان الهدف هو فرض لغة واحدة على بني البشر و تشويه
اللغات الأخرى أو إلغاؤها، لماذا إذاً خلق الخالق العزيز الناس شعوباً و
قبائل و اختلاف الألسن و الألوان؟ في شمال كوردستان أصبح اسم (أرزروم)
(أرضروم) و (ملاتي) (ملاطي). هناك الآلاف من هذه الأسماء التي تم تحويرها
و تغييرها حتى تناسب اللفظ العربي القديم.
يستطرد الدكتور في هذه
الفقرة أيضاً عن اسم (أربيل) و يقول ليس من حق أحد كائن من كان أن يغيّر
أربيل إلى (هه ولير). يا أستاذ مثلما اسم (هه ولير) غير عربية فأن اسم
(أربل) أو (أربيل) أو (أربيلا) هو غير عربي أيضاً لأن الاسم مذكور في
الألواح السومرية، أي قبل مجيء العرب إلى العراق بعشرات القرون. الشيء
الذي يدعو إلى السخرية أن الدكتور في نفس الفقرة يقول كان اسم (أربيل) في
المصادر العربية القديمة (أربل) بدون (ياء) ثم في بمرور الزمن أصبح
(أربيل). هنا الأستاذ سيار يعترف دون أن ينتبه للكلام الذي يقوله، حيث أن
العرب تداولوا الاسمين (أربل) و (أربيل) في العصر الإسلامي. في البداية
كان الاسم (أربل) ثم تم تغييره إلى (أربيل) دون أن يعير العرب أي اهتمام
بالمصادر التي يذكر الدكتور سيار بأنها يجب احترامها و التمسك بما و رد
فيها. فيما يخص اسم (الكورد الإيزيديين) فهذا ناتج عن تقصير لغوي في لغة
العرب، لذلك جاءت في اللغة العربية باسم (يزيدي) وليس (إزدي) لأنه في
العربية لا يجوز التقاء ساكنين فلا بد من تحريك أحدهما، لذا يحتم على
العربي لغوياً أن يقول (يزيدي) وهذه التسمية ليست لها أية علاقة باسم يزيد
بن معاوية أو غيره من بني البشر، بل هو امتداد لدين كوردي قديم و قديم
جداً. حول اسم مدينة شنگال (سنجار)، يقول الدكتور أن اسمها العربي هي
السائد، بالطبع الاسم العربي يكون سائداً لأن القرار كان قراراً عربياً،
من كان يتجرأ ويقول غير هذا يا أستاذ قليلاً من الإنصاف، حتى أن معنى
تسميتها في العربية يدعو إلى السخرية، حيث يقال أن سفينة نوح ضرب قمة جبل
سنجار و قيل (سن جرا). ما هذا الهراء؟ ألم تكن الأرض مغطاة بالمياه و لم
يكن حينها أحدٌ من البشر على وجه الأرض. من أين عرفوا هذا الجبل في هذه
المنطقة هو جبل سنجار؟ هذا تعبير كاريكاتيري و أسلوب بدائي في إطلاق
التسميات و هو الذي دفع كاتب و مؤرخ كبير كجرجي زيدان ليسخر من هذه
التسميات التي اقتبسوها من قدامى اليهود حيث يقول في كتابه الشهير (تاريخ
العرب قبل الإسلام) صفحة (11): قلد العرب اليهود وغيرهم في كثير من طرق
العلم فاقتبسوا رد كل أمة إلى أب من آباء التوراة فردوا نسب الفرس مثلاً
إلى فارس بن ناسور بن سام وقالوا عن أهل الصين أنهم من ولد بن عابور بن
بتويل من يافث ويضيف جرجي زيدان ثم قس عليه تعليل أسماء البلاد وردَها
إلى أسماء مؤسسيها بما يشبه قول اليهود أن مصر مثلاً بناها مصرايم و آشور
بناها آشور وقد ينسبون بناء البلد إلى حادثة أو طرف فعندهم مثلاً دمشق
سميت كذلك لأنهم دمشقوا بناءها و الأندلس من التدليس و يثرب من قولهم ولا
((تثريب)) و الحيرة من ((تحرير)) و العراق من عرق القرية و قس على ذلك
أسماء الأشخاص. ثم يضيف المؤرخ جرجي زيدان: الواقع أن الأندلس محرفة من
((وندلوسا)) نسبة إلى الوندال قوم سكنوا الأندلس قبل الإسلام و الحيرة من
حيرتا أي المعسكر بالآرامية و العراق من لفظ فارسي ((ايراه)) وهي و إيران
من أصل واحد فعربها العرب (عراق). انتهى كلام جرجي زيدان. بينما الاسم
الكوردي الصحيح هو شنگال ليس (سنجار) و له معنى حيث أرض الكورد جبلية
صلبة. قبل آلاف السنين عندما نزلوا إلى هذه المدينة و رأوا رخاوة أرضها
قالوا هذه الأرض شنگاله آی رخوة (شن) باللغة الكوردية يعني رخو مذر حتى
يقولون للمذر الذي يفرقون به القمح في الهواء (شن) و كلمة (گال) هی التربة
هكذا يصبح اسم على مسمى. يقول الأستاذ و وصلت الإباحة مؤخراً أن يغيّروا
اسم (الموصل)، وهو اسم عربي قديم جداً إلى (موسول) إذ يقولون بأنه الاسم
الكردي لها. يا أستاذ لماذا الهروب إلى الأمام؟ لماذا لا تذكر كيف أنه اسم
عربي و قديم جداً كما تزعم؟ من أين أتى؟ أذكر لنا اسم العرب كقوم فيها منذ
متى؟ ألم تقل تلك المصادر العربية التي تستشهد بها أن العرب بعد الإسلام
سكنوا هذه المدينة؟ بينما القائد اليوناني (كزينفون) يذكر الكورد
الكردوخيين قربها قبل الميلاد ب(450) سنة. ألم تذكر المصادر العربية التي
تتباهى بها أنت بأن الكورد كانوا موجودين في موصل عندما جاء الغزاة العرب
إليها، أن الغازي (عرفجة بن هرثمة) هو الذي اسكن العرب فيها. لماذا القفز
على الحقائق التاريخية التي موجود في كتبكم؟!
يذكر الدكتور في فقرة ما
قبل الأخيرة تحت عنوان: مثالب أخرى. الحقيقة هذه المثالب لا توجد إلا في
مخيلة العروبيين أعداء البشرية و أعداء كل شيء لطيف و جميل. في الواقع أنا
أتسامح معهم في هذا الاتجاه إلى حد ما لأنهم مشبعين بثقافة "أنا و أخوية
على أبن عمي، أنا وأبن عمي على الغريب". لماذا لا تقول لنا أيها الأكاديمي
من يلعب بالألفاظ؟ أليست هذه هي لعبتكم حيث تزوّرون التاريخ كما تشاءون؟
إنْ كان هناك من يزوّر التأريخ فلماذا لم تأتِ لنا بنماذج من هذا التزوير
لكي نقول على الأقل أنك صادق فيما تقول؟. يقول الدكتور عن المفسرين و
المؤرخين و الكتاب و البلدانيين سواء كانوا عرباً أم غير عرب، إنه من
المعروف أن 99% من هؤلاء القدماء هم من غير العرب، لكن الظروف أجبرتهم بأن
يكتبوا بهذه اللغة و هذا لا يعني أنهم عرب. هناك عدد من الكتاب العرب في
أوروبا وهم يكتبون بلغات تلك البلدان. لماذا تطبلون و تزمرون لهم ليلاً و
نهاراً على أنهم كتاب و مفكرون عرب و منهم من لا يجيد اللغة العربية؟ ألم
يكن أنتم الذين حولتم شكسبير إلى شيخ الزبير و ستالين إلى أسطا علي و
هايدر رئيس الحزب النازي في النمسا إلى حيدر، لكي تدعوا انتماءهم للعروبة؟
نعم يبقى ابن الأثير و أخويه كورداً و إبراهيم الموصلي و غيرهم وهم
بالآلاف أنجبتهم الأمة الكوردية لكنهم غدرتهم الشعارات الإسلامية التي
رفعتموها كذباً وبهتاناً. في النهاية ماذا قدمتم للأمة الكوردية غير
الخراب و الدمار و الأنفال و الغازات السامة؟ يقول الدكتور ليس هناك من
يرد على هؤلاء. نعم هناك أعداد كثيرة من العرب لكن يحترمون أنفسهم و
يعرفون ما يطرح اليوم هو عين الصواب. ها أنك قد كتبتَ فلماذا لا ترد
بأسلوب أكاديمي و تقول لنا ماذا عندك في هذا المضمار. كل الذي تقوله تشكك
في الآخرين و شتم الآخرين … هذا لا يليق مع الشهادة التي تحمله، كان
الأجدر بك بأن تأتي بتلك المقالات التي تزعم أن الكورد كتبوها و تفندها
فقرة فقرة إن كانت فيها أخطأ كما تزعم مثلما نحن نعمل مع مقالك نفنده
فقرة بعد أخرى. تقول في آخر فقرة من مقالك وهي تحت عنوان :نداء إلى كل
الكتاب العراقيين: إنني هنا أنبه إلى خطورة ما يجري في العراق، ليس من
الناحية الثقافية فقط، بل من الناحية القيمية و الحضارية عندما تتهدد قيم
العراق أصلا، و تتشرذم ثقافته العربية مع احترامنا لثقافاته المحلية
الأخرى. في كل صغيرة و كبيرة يحشر الدكتور اسم العروبة في العراق. في
الحقيقة فأن الإنسان يحتار مع هذه النماذج من البشر. أين كنتم عندما كان
نظام البعث يستوزر أحداً من شقاوات (أبظاي) بغداد وزيراً للثقافة وكذلك جل
القيادة البعثية الذين كانوا أصحاب سوابق و من القتلة و السفلة الذين
يعرفهم الشارع العراقي جيداً؟ أين كنتم في حينها لماذا لم تحركوا ساكناً
ولم تخافوا على ثقافته ال… من سياسات ذلك النظام الذي سيبقى اسمه لطخة
عار في جبين التاريخ العربي إلى يوم يبعثون؟ الآن تأتون و تتباكون على
التاريخ العربي و الثقافة العربية الذي يحمى في العراق بمواد دستورية لا
يستطيع و لا يجرؤ من يمسها من قريب أو بعيد إلا من خلال البرلمان العراقي
الذي يمثل كافة شرائح الشعب. اطمئن يا دكتور لا تخاف على موروثات العرب في
العراق فأنها بخير لن يمسها أحد بسوء لكن كلما في الأمر سوف يصحح الأخطاء
التي فُرضت على العراق بقوة الحديد و النار و يعود الحق إلى أصحابه و ينال
الجميع حقوقهم بالتساوي و هذا الجانب يشمل الموروثات العربية التي سوف
تصحح وبعده يعرف كل شيء باسمه الصريح و الصحيح.
نقول
للدكتور لماذا أنت ثائر و ترفض بأن يستخدم العرب اسم (الكورد) الصريح بدل
اسم (الكُرد المبهم)؟ ما الضير في هذا لنقل جدلاً أنك على صواب، ألا ترى
بفضل الديمقراطية الناشئة هناك تواصل وتقارب على أسس متينة بدأت بعد تحرير
العراق في (2003) بين الشعبين الرئيسيين في العراق و كوردستان تحت ظل
الدولة الاتحادية التي ليس فيها أسياد وعبيد الكل سواسية كأسنان المشط ؟
عجبتُ لأمر الدكتور سيار وهو يناشد العرب بالرجوع إلى المصادر العربية
بخصوص اسم الكورد و يترك ذات المصادر ولا يستقي منها تلك المعلومات و
الأخبار التي تذكر الكورد و وجودهم في المنطقة قبل العرب، مثل مدينة موسل،
التي تقول تلك المصادر أن الكورد كانوا موجودين فيها قبل العرب لأن العرب
جاؤوا إليه مع نشر الدعوة الإسلامية و من ثم توالت نزوحهم إليها تارة
كغزاة و تارة كمهاجرين. بهذا الصدد جاءت في كتب التراث العربي تاريخ
استيطان بعض العشائر العربية و التي لم تمض على استقرارها في الموصل ثلاث
أو أربع قرون، بينما الكورد مذكورون فيها كما أسلفت قبل الميلاد و أيضاً
في أيام الساسانيين (ست قرون قبل الإسلام). في الختام نتساءل لماذا يا
دكتور سيار هذه الانتقائية عندما يتعلق الأمر بالكورد؟!
Leave A Comment