استقالة رئيس الجمهورية من منصبه دستوريا – الدكتور برهم صالح نموذجا – /جمعة عباس بندي
ثانيا : كيفية انتخاب رئيس الجمهورية؟.
يعتبر مجلس النواب العراقي المؤسسة القانونية المخولة دستوريا في انتخاب رئيس الجمهورية، وفق شروط وآليات ونصاب انتخابي قانوني معين ، كما هو منصوص في المادتين (68 و 70 ) من الدستور النافذ لعام 2005.
1- شروط الترشح لموقع رئيس الجمهورية:
أ- عراقياً بالولادة ومن أبوين عراقيين.
ب- كامل الأهلية وأتم الأربعين سنة من عمره.
ج- ذا سمعة حسنة وخبرة سياسية ومشهوداً له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والإخلاص للوطن.
د-غير محكوم بجريمة مخلة بالشرف.
2- كيفية انتخاب رئيس الجمهورية:
أ- يشترط في الجولة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية، أن يحصل الفائز الأول على ثلثي أصوات مجلس النواب العراقي، أي حوالي (220) صوت، كما هو منصوص في المادة(70/ أولا) : ((ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه)).
ب- وفي حالة عدم حصول أي مرشح على الاصوات المعينة والمحددة في الجولة الأولى، تعاد الانتخاب بين المرشحين الاثنين اللذين حصلا على أكثر الاصوات ، ويكون الفائز في الجولة الثانية لمن يحصد أكثرية أصوات المقترعين من اعضاء مجلس النواب العراقي، كما هو منصوص في المادة (70 / ثانيا): (( إذا لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلوبة يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات ويعلن رئيساً من يحصل على أكثرية الأصوات في الاقتراع الثاني)).
ثالثا: استقالة رئيس الجمهورية من منصبه:
من حق رئيس الجمهورية أن يقدم استقالته إلى رئيس مجلس النواب العراقي وفق المادة (75) من الدستور ، بشرط أن تكون الاستقالة مكتوبة – تحريريا – وتكون الاستقالة مقبولة ونافذة بعد مرور سبعة أيام من تأريخ إيداعها لدى مجلس النواب العراقي ، مع إعطاء الحق لرئيس
علما ان الدستور العراقي النافذ لم يتحدث عن موضوع طرح استقالة رئيس الجمهورية للمناقشة عليه من قبل أعضاء المجلس بهدف رفضه أو قبوله ، والأولى فعل ذلك كونها الجهة المعنية لانتخابه ، لذا يجب إعطائه سلطة التدخل والمناقشة في هذا الملف الهام والمصيري والخطير، لكونه قد يدخل البلاد في الفراغ الدستوري وخاصة في هذه الظروف التي من الصعب إيجاد آليات التوافق بين الكتل السياسية وإرضاء المتظاهرين في نفس الوقت وبالذات بعد معرفة الشروط التي وضعها الدستور في انتخاب رئيس الجمهورية من حيث الاصوات.
كما الدستور النافذ لم يعطي الحق لمجلس النواب العراقي في موضوع إقالة رئيس الجمهورية،كما فعله في موضوع رئيس مجلس الوزراء.
لكنه في ذات الوقت أعطى لمجلس النواب حق مساءلة رئيس الجمهورية بناءا على طلب مسبب – اي بيان الأسباب التي من شأنها أن تصلح وتؤدي الى مساءلة رئيس الجمهورية- موقع من الأغلبية المطلقة من عدد أعضائه، كما هو منصوص في المادة (61/ سادسا / أ).
والراجح في قراءتي لفحوى هذه المادة الدستورية يجب أن تنحصر هذه الأسباب في إحدى النقاط الآتية:
1- الحنث في اليمين الدستورية.
2- انتهاك الدستور.
3- الخيانة العظمى.
وفي حالة ارتقاء أو ثبوت أي سبب من هذه الأسباب – التهم – التي كانت مسببا في مساءلة رئيس الجمهورية، يرفع الموضوع بعد مناقشته من قبل مجلس النواب إلى المحكمة الاتحادية العليا وفي حالة إدانة رئيس الجمهورية من قبل المحكمة الاتحادية العليا، يعاد الموضوع إلى مجلس النواب لغرض البدأ في إجراءات إعفاء رئيس الجمهورية من منصبه بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، كما هو منصوص في المادة (61/ سادسا / ب).
رابعا : خلو منصب رئيس الجمهورية:
فرق الدستور النافذ بين حالتين من حالات خلو منصب رئيس الجمهورية :
الحالة الأولى : سماها ( الغياب):
كما في حالات ذهابه أو ايفاده خارج البلاد سواء لأغراض بروتوكولية أو زيارات رسمية او سياحية أو إجازات اعتيادية أو في حالات المرض والعجز الصحي – الغيبوبة ، الجنون ، العته، السفه …-
وفي هذه الحالة يتولى ويحل نائب رئيس الجمهورية محل رئيس الجمهورية في أداء مهامه الدستورية والقانونية لحين شفاءه أو عودته من خارج الوطن ، وفي خلاف ذلك يبقى نائب الرئيس في محل الرئيس لحين انتهاء مدته القانونية وهي بانتهاء مدة الدورة النيابية لمجلس النواب [ المادة 75/ ثانيا]، وسيستمر في مهامه بعد انتهاء فترة مجلس النواب لحين انتخاب رئيس جديد خلال ثلاثين يوما من تأريخ أول إنعقاد للمجلس المنتخب – الجديد ، استنباطا من [ المادة 72/ ثانيا / ب ].
الحالة الثانية: سماها ( الخلو ):
الخلو في اللغة : هو الفارغ البال من الهموم ، وفي الاصطلاح : هو الشغور في المنصب، وعند فقهاء الدستور : هو شغور المنصب اما بسبب الوفاة أو الاستقالة أو صدور حكم قضائي بات ضد المتهم.
وفي هذه الحالة يتولى نائب رئيس الجمهورية مهام رئيس الجمهورية ، لحين انتخاب مجلس النواب رئيس جديد في مدة أقصاه ثلاثون يوما من تأريخ وقوع الخلو ، وفي حالة عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية، يتولى رئيس مجلس النواب مهام رئيس الجمهورية، لحين انتخاب مجلس النواب رئيس جديد للجمهورية في مدة أقصاه ثلاثون يوما من تأريخ وقوع الخلو وفقا لأحكام الدستور [ المادة 75 / ثالثا ورابعا ].
السؤال الذي يطرح نفسه هنا :
هل الدكتور برهم صالح رئيس جمهورية العراق الأتحادي قدم استقالته فعليا – تحريريا – إلى رئيس مجلس النواب العراقي؟.
ام أنه وضع الاستقالة في كفة الميزان بمثابة تهديد قانوني وسياسي في حالة إصرار كتلة البناء على ترشح السيد عيدان لرئاسة الحكومة ، وفي الحالتين يحتسب هذه النقطة لصالح ((صالح)) من عدة زوايا منها :
1- جماهيريا – المتظاهرين-
2- مرجعيا -مرجعية النجف-
3- إقليما – اقليم كوردستان -.
4- دستوريا ، باعتباره حامي الدستور.
5- أخلاقيا، لكونه حصل على المنصب في سلة واحدة مع رئيس مجلس النواب الحالي حلبوسي، ورئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي.
والنقطة المتعلقة بجوهر هذا الموضوع ، هي النقطة الرابعة ، باعتبار رئيس الجمهورية حامي الدستور، لان في حالة إصرار كتلة نيابية أو أكثر من كتلة على أنها الكتلة الأكثر عددا ومن حقها تقديم اسم مرشح إلى رئيس الجمهورية لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.
وعندما يرى رئيس الجمهورية بأن هذا الأمر مخالف للدستور بسبب ضبابية معايير تحديد الكتلة الأكثر عددا وخاصة من ناحية تفسيرات المحكمة الاتحادية العليا وبدعتها التفسيرية بهذا الخصوص ، فإن قبوله بمثل هذه الترشيحات هي بمثابة انتهاك الدستور، وحتى لا ينتهك الدستور بيد حامي الدستور، فإنه لجأ إلى سلاح الاستقالة.
وفي الختام اقول:
من خلاله متابعتي وقراءتي لما يحدث في العراق والمنطقة سيتم رفض استقالة الرئيس اما من خلال مجلس النواب أو من خلال تراجعه عنها ، وفي جميع الأحوال أضاف برهم صالح صفة المشروعية على منصبه الرئاسي.
المحامي المستشار
د.جمعه عباس بندي – دهوك
دكتوراه في الفقه المقارن
2019/12/26
Leave A Comment