تقارير – ساري حسين أصلان…بطل من هذا الزمان بطل كوردي من زمن السوفيت حارب النازية ……..حاوره د.محمد احمد برازي- كازاخستان الماتا
أعزائي القراء ما أكتبه ليس كرهاً للسوفييت أو الروس أو اية قومية أو شعب
آخر، إنما أكتب ما رواه لي شخص قصته الحقيقة حرفياً من دون أية أضافة أو
تعليق ..
ساري حسينوفيح اصلانوف:البالغ من العمر تقريباً قرناً(91عاماً) فلازال
بكامل قواه العقلية ,و لازال يقرا كل يوم باللغة ألاذربيجانية و الكوردية
و روسية و لا يعجز عن القراءة فلا ينام إذا لم يقرا في اليوم حوالي
ساعتين, يعشق العمل، يحب الارض فلازال يعمل في البستان ويقول في الصيف أحب
ان احفر الارض بيدي فهذا يسليني و أشعر بشبابي وحيوتي , وهو الذي خاض
المعارك السوفيتية ضد فينلندا و المانيا – و لا يحب ان يتحدث عن ماضيه
المرير و خصوصاً عن الهجرات القسرية من قبل ستالين , و قصته فعلاً محزنة
جداً وتختلف عن جميع القصص فيما سمعناه, تستحق قصته أن تكون فيلماً,فليعرف
الجميع كيف كانت الشيوعية تعامل الاقليات في الاتحاد السوفيتي ,
تفضل بالحديث عن حياتك و حياة أسرتك يا استاذنا الفاضل ساري حسينوفيج؟
ــــ لا أحب ان أتحدث ما مررت به لاحد فتلك ذكريات المريرة تنهش اوصالي ,
ولكني بالرغم من المي ساروي لكم قصتي بالتفصيل وليعلم الكورد بإننا شعب
خلقنا لنحرر الشعوب الاخرى و نفكر بجيراننا و نشعر بألام الاخرين قبل ان
نفكر بانفسنا و ننسى وضعنا و ترابنا و قضيتنا فنحن هكذا ماذا نعمل طالما
ربنا يريد منا أن نكون خدماً اللاخرين,
س: أسف أني أقطع حديثكم نحن لسنا خدم الاخرين إنما ضحية الاخرين؟
الذين يوعدوننا عندما يكونون في الحرج يريدون منا المساعدة لكي نخرجهم من
حجراتهم المتسخة و متى يلبسون طقوماً نظيفة و يجلسون على عرش السلطة
يحاولون القضاء علينا ,ليس فقط في القدم فلازلنا نعمل كل الجهد حتى نحرر
الاخرين و ننسى أنفسنا. و بالامس القريب طلبوا المعارضة العراقية ضد طاغية
من الكورد المساعدة و سيعملون كل شئ حسب الدستور ولكن اليوم بعد تحرير
العراق يريدون تهميش الدستور و تهميش الكورد . نعم أنت على حق يا ابني و
يبتسم, علينا أن نتعلم ألاعيبهم الماكرة. يا بني علينا أن نكون أقوى من
الوعود الكاذبة لهؤلاء الديناصورات . س: أرجو أن تحدثنا بالتفصيل منذ
ولادتكم و حتى يومنا هذا يا سيد حسينوفيج ؟
ـــ ولدت في عام 1918 ، قرية نكلاكيفي التابعة لمنطقة أسبيسكي في جمهورية
جورجيا السوفيتية الاشتراكية ،
ترعرعت هناك في القرية مع بقية اصدقائي الكورد، هناك ساعدت والدي في العمل
في الزراعة , و بعد ألانتهاء من دراسة المتوسطة أتجهت إلى يريفان عاصمة
أرمينيا وهناك تابعت دراستي في المعهد التربوي ، قسم اللغة الكوردية،
اللاتينية في عام 1936 .
س : هل كان في يريفان قسم تعليم اللغة الكوردية ؟
ـــ نعم و من مدرسي اللغة الكوردية أتذكر جيداً قناة كورد-حاجي جندي،أمين
عفدال و غيرهم من خيري المثقفين الكورد،و بعد تخرجي عملت مدرساً لمدة سنة
في قريتنا,و بعد ذلك تزوجت و عشنا سنة ثم طلبوني إلى الجبهة لمحاربة اعداء
السوفيت فنلندا و من ثم المانيا .
وهنا أقاطعة هل تزوجت عن حب أم زواجاً تقليدياً؟
ويبتسم ساري و يقول أي حب تتحدث انت !! كنت في العمل وا خبرني والدي حسين
و قال لي ستتزوج من بنت غسانوف و أسمها جيجاك خانم و لم استطيع رفع راسي
من الخجل, فقط وافقت على قوله دون أن اسال من هي العروسة و كم عمرها .
عشنا معاً أكثر من عشرين شهراً ثم طلبوني للخدمة العسكرية أيام الحروب
السوفيتية الفنلندية و ارسلوني إلى جبهة القتال و حاربنا اعداء السوفييت
(يصمت قليلاً) و يقول في الجبهة لم نكن نستطيع القول بأننا كورد… فقط
كنا نقول أننا السوفيت سندافع عن وطننا السوفيت و في الحرب الفنلندية
أنتصرنا بسرعة و لكن مات خيرة شباب الكورد. – لماذا ماتوا الشباب الكورد؟
– الشباب الكورد استشهدوا في الحرب لانهم كانوا في مقدمة الجيش السوفيتي .
بعد أنتصارنا على الفنلنديين أتجهنا إلى أوكرانيا و بعدها إلى مالدوفيا و
ثم إلى بولونيا وحررنا كل المدن التي دخلناها و بعد ان حررنا المدن
القريبا منا. أردنا الرجوع إلى أهلنا ,لكن في 22 -6-1941 نقلوننا مرة أخرى
إلى الجبهه ضد المانيا الفاشية حتى و صلنا إلى النمسا و رفعنا هناك علم
الانتصار في فيينا , طبعاً أنا جرحت في عام 1943 و بقيت أكثر من ستة أشهر
في المشفى وبعد العلاج ألتحقت بالجيش حتى أنتصرنا على ألمانيا ,في عام
1945 و بقينا سنة في النمسا و ثم أرسلوننا إلى أهلنا في فرغونات القطارات
بفرح و اغاني الانتصار.
س ـــ هل رجعت إلى نكلاكيفي ؟
ــ نعم و أين سارجع س ــ هل كنت على علم بأنهم هجروا أهلك قسراً من
ديارهم؟
طبعاً لا من أين ؟ ثم أقتربت من قريتنا نكلاكيفي شعرت بأن الوضع غير طبيعي
.
س ـ وماذا شعرت؟ شعرت بأن الخراب حل في قريتنا و تقربت من بيتنا كان هناك
يسكن بدلاً منا عائلة جورجية فسالتها هل تعلمون أين أهلي فقالوا لي في
أسيا الوسطى , ثم سلكت طريقا ً سمعت صوتا ً يصرخ نحوي، كانت مُدَرِسة
قريتنا السيدة أولغا، قالت لي يا ساري كتب لك صديقك علي الشان رسالة و
يقول فيها بأنهم في كازاخستان,
اضطررت بان أبقى هناك حتى استلم أوراقي لتثبت باني حاربت الالمان و من
ابطال الحرب , اتجهت صوب منطقة روان و استلمت كل مالي و جئت إلى نكلاكيفي
وودعتني المُدَرِسَة و اتجت إلى كازاخستان . تقريباً أكثر من شهر كنت أفتش
عنهم حتى وصلت إلى ألماتا عاصمة كازاخستان السوفيتية,أين سأتجه فكرت بشئ
واحد بان الكورد يحبون تجارة الخضراوات في الاسواق و المواد الغذائية سوف
اذهب إلى السوق . أسم الاخضر( لازال موجوداً في ألماتا كازاخستان).
في سوق الاخضر التقيت بشقيق زوجتي و اسمه ساري أيضاً ,اخذ بالاحضان و بكى
و قال لي بأننا استلمنا في عام 1943 بأنك أستشهدت في الحرب وقال الحمد
الله الخبر ليس صحيحاً , سالت عن أهلي و أقربائي فقال قال لي ساري شقيق
زوجتي بأن الاهل بخير و هم يسكنون في جمبول تبعد عن الماتا حوالي 48 كم و
أخذني إليها، بقيت عنده ليلة و تحدثنا كثيراً طوال الليل لكن دائماً كانت
تدمع عيناه و في الصباح الباكر خرجت إلى خارج البيت ورايت زوجتي تنشر
الغسيل, فركضت صوب ساري وقلت لها هل هذا خيال أم حقيقة؟؟ لقد رايت جيجاك(
اسم زوجته)فبكي و قال يا أخي ساري هي ماتت بالنسبة لك ,
س) كيف كان شعورك عندما قال لك هذا الحديث؟
ـــ لا شئ ،عرفت الحقيقة فقط طلبت منه أن يوصلني إلى اهلي فاخذني بسيارته
و أوصلني إلى البيت و بعد أن صافحت أهلي ووالدي شكر ساري و لم أراه لغاية
اليوم.
س) كيف وصل الخبر بأنك شهيد و أنت الحي؟
ممكن عندما جرحت، لكن من اوصل الخبر إلى أهلي ,على كل حال قالت والداتي لي
, يا ابني عندما أخبروننا بأنك أستشهدت لم اصدق أنا و والدك في ذلك اليوم
تزينا و ركبنا الفرس و زغردنا كثيراً، كثيرون قالوا بأنها جنت لكني قلت
أنا سلمت و لدي بيد اللة و الله سيرجعه لي هذا هو ما أمن به أنا و أفراد
عائلتي.
فيما بعد تزوجت مرة اخرى و أنجبت خمسة اولاد و ثلاث بنات, و ماتت زوجي، و
أنا الحمد الله عمري الان 91 ,والدي عاش 120 سنة و الدتي عاشت 110 و أخي
الان حي و عمره 110 سنة نحن بخير و لا أحب أتذكر أكثر أخشى أن أبكي يا بني
اعذرني.
س) أنتصرتم في الحرب كيف شعرت عندما أتيت إلى البيت ؟
عندما انتصرنا فرحنا كثيراً بأننا انتصرنا على الظلم . لكن عندما أتيت
ندمت و فرحت معاً بالانتصار و ندمت كنا نقول نحارب الظلم و الفاشية. حقاً
الفاشية هو الذي هجر أهلي قسراً و يبكي ثم يصمت قليلاً يقول يا ابني صعب
جداً الظلم لحق الكورد كثيراً استشهدوا في الحرب مع الفاشست و أهل هؤلاء
الشهداء هجروا قسراً رغماً عنهم فالله يا بُني ستاليين أكبر فاشي في
العالم و لم استطيع القول بأنه ضد الكورد إنما هو ضد كل القوميات الاخرى
وضد الانسانية .
س) هل عندما أنتصرتم كنتم تحييون السوفييت أم ستالين؟
كنا نحيي ستالين و لينين و السوفيت , لكن الحقيقة انتصار جنرال جيكوف هو
الذي كان بيننا دائماً و يشجعنا و يأكل معنا ,أما ستالين كان يرعب كل
السوفيت ولا أنسى قول الجنرال جيكوف حين كان يقول كلكم سوفيت , بينما
ستالين كان يقول الروس أنتم و لذلك بعد الحرب خاف ستالين من جنرال يستلم
الحكم فهجره أيضاً قسراً إلى اوربا .
س) الم تعرف سبب هجرة أهلكم ؟
لالالا لم أعرف لكن أعتقد كانوا يريدون بقية القوميات بان يرحلوا من
جورجيا موطن ستالين,
فالسلطة الشيوعية أرهبت جميع الاقليات و لكن بشكل خاص أرهب الشعب الكوردي
فطهروا جورجيا من بقية القوميات,
وهجرهم ثلاث هجرات و أرهقتهم في قعر ديارهم لدرجة بان كثيرون من الكورد
سجلوا قوميتهم أتراكاً أو أذربيجانيين،
ليس فقط أرهقوننا إنما قتلوننا و دمروا شعورنا , فيما بعد
عشت في جاناتورمز و عملت في سافخوز (الجمعية الفلاحية ) كوني مشارك في
الحرب العالمية الثانية و رفعت العلم السوفيتي فوق فيننا ,و حصلت على عدة
جوائز و أنا أنهيت معهد اعداد الكوادر الصناعية في سافخوز,
لكني بقيت دون هوية و دون جنسية حتى 1959و فيما بعد عندما سجلت نفسي و قلت
أنا كوردي رايت بأن الموظف كتبني أذربيجاني فقلت له لكني كوردي فقال لي
ألست مسلماً؟ فقلت نعم لكني كوردي فقال لي لا فرق بيننا نحن مسلمين فقلت
إذا لا يوجد فرق فسجلني كوردي و سجل نفسك كوردي فصرخ بي و قال أذهب و سجل
نفسك في مكان اخر كوردي و الله سيغضب منك لانك ترفض بان تكون أذربيجانياً
مسلماً و خرجت من عنده دون هوية …
و في عام 1959 أردت الرجوع إلى مسقط راسي نكلاكيفي و هذا حدث في عهد
خروشوف الذي سمح للجميع بأن يرجعوا إلى ديارهم و أنا قررت بأن أعود إلى
نكلاكيفي لكن عند مدخل نكلاكيفي لم يتركوننا و بقينا في أذربيجان حتى عام
1971 و في أذربيجان عملت في تعليم المهن ومن ثم تعبت بين ألاذربيجانيين و
رجعت إلى كازاخستان.
لماذا تعبت مع ألاذربيجانيين فهم كانوا يضايقونكم؟
الاذربيجانيين كانوا أبشع من الروم معنا (الكورد السوفييت يقصدون الاتراك
بالروم) كانوا يحاولون أمحاء وجودنا والغائنا و لم يسمح لنا بأن نتحدث
باللغة الكوردية حتى في بيوتنا فكانوا يضايقوننا و كانوا يرددون بأن
المسلمون اخوة و علينا ان نتعلم الاذرية و نقول نحن أذريين.
لكن كثيرون من الكورد كانوا في أذربيجان ذو مناصب ومسؤولية عالية ؟؟
نعم أعرف بان السيد محمد أسكندر كان رئيس الوزراء في أذربيجان السوفيتية
عام 1950حتى 1960 و هو كوردي الاصل,
ولكن لم يفعل أي شئ لبني جلدته .و غيره كثيرون من الكورد الذين استلموا
مناصب لامعة في اذربيجان لكنهم كانوا في خدمة الاذريين و لم يخدموا الكورد
بأي شئ سوى انصهارهم في بوتقة الاذربيجانيين، يا أبني رئيس أذربيجان كوردي
من نخجوان حيدر عالييف و الان أبنه إلهام كوردي أبن كوردي .
و من ثم رجعنا إلى كازاخستان .
هل رجعتم قسراً ام بأرادتكم إلى كازاخستان؟
يبتسم و يقول لا و الله هذا المرة رجعنا بإرادتنا إلى كازاخستان , اصلاً
عندما أتجهت إلى أذربيجان قصدي كان نكلاكيفي و ليس أذربيجان و طالما لم
يسمحوا لنا بالعيش في نكلاكيفي أخترت العيش في كازاخستان الان أغلب
أقربائنا كانوا يعيشون في كازاخستان و أردنا العيش معهم .
كيف كان العلاقات بينكم و بين الكازاخ ؟؟
الكازاخ هم مثلنا و مسلمون و كانوا يتعاملون معنا معاملة حسنة .في البداية
كنا نخاف منهم لكن مع مرور الزمن تعودنا على بعضنا و أصبحنا أصدقاء و منذ
ذلك الوقت و حتى الان نحن أصدقاء و جيران.
و لولا الكازاخ ربما لم نكن الان على قيد الحياة ، هجروننا قسراً في
الشتاء و كان البرد قارص لا يرحم, كما ستالين, فالكازاخ أخذوننا إلى
بيوتهم ،
وأخبركم من عام 1945 و حتى 1957 لم نكن نستطيع بان نتحرك من مكان إقامتنا
أي لا نستطيع السفر حتى إلى المدن المجاورة إلا بإذن من السلطة الموجودة
في المنطقة و بموافقة عليا من اللجنة الحزبية . و إذا اردنا السفر إلى أي
مكان فكنا نتعذب كثيراً حتى نحصل على الموافقة , و حتى لو توفي أحد من
أقربائنا لم نكن نستطيع حضور الجنازة بسبب عدم السماح لنا بالسفر إلى أي
مكان .
س: ساري ماذا تقول للجيل الشاب الان ؟
اقول ليدرسوا ,العلم مفتاح الجنة و الجنة وطننا,
نشكركم جزيل الشكر سيد ساري حسينوفيج.
العفو أتمنى لكم الخير …
ساري عندما حدثني عن زوجته كان عصبياً جداً و قال لي أنه أول مرة يتحدث عن
قصته هذه لانه يعتبر القصة عار فكيف تتزوج زوجته و هو على قيد الحياة!!!
[email protected]
Leave A Comment