تقرير: انتخابات الغد قد تقلب الموازين في كوردستان واحتمالية انهيار الاتحاد الوطني مبعث قلق لايران
الرجل
هو الرئيس العراقي جلال طالباني وكان ظهوره الصامت على شاشات التلفزيون
للمشاركة في التصويت المبكر في الانتخابات العراقية التي تبدأ في الداخل
يوم غد الاربعاء أول لقطات له منذ أصيب بجلطة في أواخر عام 2012 ونقل
للعلاج في الخارج.
وفي السليمانية حيث مقر
الاتحاد الوطني الكوردستاني انطلقت أبواق السيارات وخرج الناس للشوارع
يرقصون وهم يرتدون قمصانا طبعت عليها صورة وجه الطالباني.
ويشير تقرير نشرته وكالة
رويترز أنه قد لا تدوم مبررات الاحتفال طويلا فيوم الاربعاء تبدأ جولة
جديدة من الصراع على السلطة ربما تحمل في طياتها مجازفة بالتحول للعنف
وتقلب ميزان القوى في كوردستان بين الجارتين ايران وتركيا.
وتشهد الانتخابات
العراقية منافسات شديدة داخل كل مجموعة عرقية أو طائفية في البلاد لا تختلف
عن شدتها فيما بين هذه المجموعات بعضها البعض إن لم تكن أشد.
ويختلف الكورد منذ مدة
طويلة مع الحكومة المركزية في بغداد. وفيما بينهم حالت المنافسات دون تشكيل
حكومة لأكثر من سبعة أشهر بعد انتخابات محلية أجريت في الاقليم الغني
بالنفط.
وتمثل الانتخابات
العراقية للكورد استفتاء على الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يتزعمه
طالباني وأصبح بلا موجه وسادته الخلافات الداخلية منذ مرض الرئيس المعروف
باسم "العم العزيز".
فقد أخل أفول نجم الاتحاد
الوطني الكوردستاني بالنظام السياسي القديم القائم في الاقليم مما أثار
المخاوف بشأن الاستقرار وخاصة في محافظة السليمانية التي يسيطر عليها حزب
طالباني منذ حصلت كوردستان على الحكم الذاتي قبل أكثر من 30 عاما.
وفي الاسبوع الماضي مر
مسلحون يلوحون بأعلام الاتحاد الوطني الخضراء أمام فرع للحزب الديمقراطي
الكوردستاني في الشارع الرئيسي بالسليمانية وفتحوا النار. وقال رئيس
البلدية إن أيادي سوداء وراء هذا الحادث الذي لم يصب فيه أحد بسوء.
وفي وقت لاحق وقف عضو
البرلمان آري هرسين لحراسة المكان وقد وضع مدفعا رشاشا على كتفه وقال في
مقابلة تلفزيونية "رفعت السلاح لانه لا أحد يتولى المسؤولية في السليمانية.
أنا أدافع عن الديمقراطية".
وقع حادث اطلاق النار بعد
أيام فحسب من توقيع اتفاق أخيرا لتشكيل حكومة جديدة يزيح جانبا الاتحاد
الوطني الذي اقتسم السلطة مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني على مدى عشر
سنوات تقريبا لكنه جاء في المركز الثالث في الانتخابات التي أجريت في ايلول
الماضي.
وحلت مكانه حركة كوران
(التغيير) المعارضة التي انبثقت عن جناح سابق لحزب الاتحاد الوطني وسرعان
ما اكتسبت شعبية من الذين سئموا "فساد" النخب التقليدية الحاكمة في الاقليم
بحسب ما نقل التقرير.
وفي هذه الانتخابات يأمل
حزب الاتحاد الوطني استعادة مكانته عن طريق كركوك ذات المزيج متعدد الاعراق
التي يتمتع فيها الحزب بتأييد خارج الحدود الرسمية لاقليم كوردستان.
وسيمنحه ذلك دفعة مطلوبة بشدة في المفاوضات الجارية حول تشكيل الحكومة.
وقال آرام شيخ محمد رئيس
القائمة الانتخابية لحركة كوران في مقر الحركة على قمة أحد تلال السليمانية
من مكتب يشرف على الجبال التي تحيط بالمدينة "خسروا الانتخابات (المحلية)
وعليهم أن يقبلوا بذلك".
وأضاف "حزب الاتحاد الوطني بحاجة لان يستيقظ فهم مازالوا يغطون في نوم عميق".
تأسس حزب الاتحاد الوطني
في مقهى بالعاصمة السورية دمشق عام 1975 وجمع تحت لوائه جماعات كوردية
مختلفة ذات ميول يسارية كبديل للحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي يدور حول
قبيلة برزاني ويهيمن على المحافظتين الأخريين في الاقليم.
وفي غياب أي تسلسل قيادي
اتسعت الشروخ في حزب الاتحاد الوطني وأصبح عاجزا عن أداء وظيفته بسبب
المنافسات بين فئاته المختلفة وإحداها تتزعمها زوجة زعيم الحزب المريض. لكن
الحديث عن زوال الحزب قد يكون سابقا لأوانه.
وفي السليمانية مازالت
مظاهر القوة المالية والعسكرية للحزب بلا منازع. فله جهازه الأمني الخاص
وقوة البشمركة الخاصة وشبكة واسعة من الأنشطة تتركز حول امبراطورية أعمال
تشمل مجالات تجارة الوقود والعقارات.
وأمام احتمال الانعزال
وجه بعض أعضاء الاتحاد الوطني تهديدات مستترة ليذكروا الناس أنهم يدينون
بالولاء لأحزاب سياسية قبل ولائهم لمؤسسات الحكومة الاقليمية الكوردية
حديثة العهد نسبيا.
لكن إذا بدأت شبكة
الرعاية التابعة للاتحاد الوطني في التفكك فربما تتغير الولاءات. وقد هجره
عدد من أعضائه في الاسابيع الأخيرة وانضموا للحزب الديمقراطي الكوردستاني.
وقال جاريث ستانسفيلد الباحث بمعهد رويال يونايتد سيرفيسز "لن يندثر ببساطة ويتحول إلى العدم في هدوء."
وأضاف "قد يتغير مع مزيد
من عمليات الانشقاق عن الحزب إلى أحزاب أخرى. وقد يشهد شكلا ما من أشكال
الاتحاد مع كوران مثلما بدا أنه سيحدث قبل مرض الطالباني أو قد يفشل على
نحو كارثي وبهذا أقصد الانزلاق إلى صراع."
وربما يكون الاختبار
الصعب انتخابات مجالس المحافظات التي تجري هذا الاسبوع مع الانتخابات
العامة العراقية لكنها ستجري في اقليم كوردستان فقط وربما تتصدرها حركة
كوران.
وقال مصدر وثيق الصلة
بصانعي القرار في الاحزاب الثلاثة الرئيسية "من الصعب تصور مسلكها. لا
أعتقد أن أي حزب يريد أن تصل الأمور إلى حد المواجهة".
أما في الوقت الحالي
فالأحزاب تشن الحرب عن طريق وسائل الاعلام. وعمدت وسائل الاعلام التابعة
لحزب الاتحاد الوطني إلى تشويه صورة مرشح حركة كوران بنشر قصائد شعرية
كتبها لصحيفة تابعة لحزب البعث العراقي إبان حكم صدام حسين الذي كان مسؤولا
عن حوادث قتل جماعي للكورد في الثمانينات.
لكن كثيرين يخشون من
احتمال نشوب صراع في منطقة يملك الكثير من رجالها أسلحة وخاض الجيل الأقدم
فيها حرب ثوار ضد قوات صدام قبل أن يوجهوا السلاح إلى بعضهم البعض.
ونقلت إحدى البرقيات
المسربة التي نشرها موقع ويكيليكس عن مسرور برزاني رئيس مجلس الامن
الكوردستاني قوله لدبلوماسي أمريكي خلال مناقشة عام 2009 عن الانتخابات
"الكورد لا يوجهون أصابع الاتهام. نحن نوجه السلاح".
ويشعر المسؤولون في الحزب
الديمقراطي بالقلق من انهيار حزب الاتحاد الوطني في وقت يحقق فيه مسلحون
مكاسب في مناطق مختلفة من العراق وعبر الحدود في سوريا ويحذرون من أن أمن
السليمانية يمثل "خطا أحمر".
فبعد أيام من انتخابات
ايلول الماضي وقع انفجار نادر في اربيل عاصمة الاقليم أعقبته عدة هجمات
أصغر في السليمانية. وألصقت قنابل بسيارتي ضابطين وتم تفجير عبوة ناسفة
خارج منزل عقيد.
واستاء رئيس الجهاز
الأمني في السليمانية من التلميح إلى أن المحافظة غير آمنة وقال إن رجاله
تمكنوا مؤخرا من احباط هجوم لمسلحين متشددين من تنظيم الدولة الاسلامية في
العراق والشام.
ويمثل وضع حزب الاتحاد
الوطني أيضا مبعث قلق لايران التي لها حدود مشتركة طويلة مع السليمانية
ولها صلات وثيقة تاريخيا مع الطالباني وحزبه يقابل نفوذ تركيا المتزايد لدى
الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
وقال مسؤول كبير في الحزب
الديمقراطي مشترطا عدم الكشف عن اسمه "ايران قلقة جدا جدا بشأن مستقبل حزب
الاتحاد الكوردستاني. فالطالباني لم يعد في الصورة لكن للحزب بعض المؤسسات
التي تحتاج إليها ايران."
وفي عام 2008 أبدى رئيس
الوزراء الكوردستاني نيجيرفان برزاني قلقه بشأن الخلافة في حزب الاتحاد
وتنبأ بأن الفوضى قد تعقب خروج الطالباني من الصورة وتخلق فرصا لايران
للتدخل بصورة أكبر في السليمانية وذلك وفقا لبرقية دبلوماسية أمريكية نشرها
موقع ويكيليكس.
ومنذ انتخابات سبتمبر
أيلول توجه زعماء من حزب الاتحاد إلى طهران لاجراء محادثات وزار مسؤولون
ايرانيون كوردستان لتدعيم بعض مطالب الحزب وحفاظا على مصالح ايران في
المنطقة.
Leave A Comment