كلمة وزير الخارجية السيد هوشيار زيباري في اجتماع مجلس الأمن الخاص بالفصل
ولا يسعني هنا الاّ ان أعبر عن امتنان حكومتي لتقرير الامين العام المرقم S/2013/357 لما تضمنه من تقييم ومقترحات مهمة وللجهود التي تبذلها بعثة الامم المتحدة للمساعدة في العراق ( يونامي ) وعلى راسها ممثل الامين العام السيد كوبلرعلى جهودها في الايفاء بمتطلبات ولايتها في العراق ، وكذلك الى دولة وحكومة الكويت لدعمها ومساعدتها لخروج العراق من احكام الفصل السابع ، والامتنان والتقدير موصول ايضا الى الراحل السفير فورونتسوف والسيد تاراسوف، المنسقين رفيعي المستوى ، لجهودهما في تحقيق تقدم في هذا الملف الانساني ، ملف المفقودين والممتلكات الكويتية . السيد الرئيس يجتمع مجلسكم الموقر هذا اليوم ليعتمد قرارا في سياق القرارات والاجراءات التي اتخذها هذا المجلس لاخراج العراق من احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. وعندما ننظر مليا الى السنوات القليلة الماضية سنرى اننا قطعنا شوطا كبيرا من التعاون البنّاء من اجل ان يتمكن العراق اخيرا من الأيفاء بجميع الالتزامات المترتبة عليه بموجب قرارات مجلس الامن . كانت سياستنا الخارجية وعلاقاتنا الدولية وفي المقدمة منها المنظمات الدولية تتركز بشكل اساسي حول كيفية التخلص من الاعباء التي خلفتها تلك القرارات على العراق بلدا وشعبا . تلك الاعباء التي لم تكن لتفرض عليه لولا سياسات النظام السابق الخارجية الهوجاء والعدوانيه بشنه الحروب على جيرانه وممارساته الداخلية باضطهاده لشعبه وحروبه الداخليه ضد مكوّناته . لقد شكّلت تلك القرارات عائقا امام تقدم العراق ورفاهيته واندماجه في محيطه الاقليمي والدولي . واذ نسترجع سوية ما انجزناه خلال السنوات الماضية على طريق العودة بالعراق الى الحالة التي كان عليه قبل قرار مجلس الامن 661 لسنة 1990 ، فسنتوقف عند قرار حاسم عزّز سيادة العراق ، ورفع عن كاهله قيودا سياسية كبيرة، ومهّد السبيل لعودته الى محيطه الاقليمي والدولي ، وساهم في دعم وسائل الاستقرار في المنطقة ، وهو القرار 1762 لسنة 2007 الذي انهى بموجبه ولاية لجنة الامم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش ( انموفيك ) . لقد شكل هذا القرار اعترافا من المجتمع الدولي بصحة المنهج الذي اتخذه العراق للايفاء بالتزاماته في مجال نزع السلاح وعدم الانتشار ، وانه لمن دواعي فخرنا ان يترأس العراق حاليا مؤتمر نزع السلاح في جنيف الامر الذي يؤكد صحة المنهج الذي يسير به العراق وبشكل خاص بعد التصديق على البروتوكول الاضافي الملحق باتفاق الضمانات للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومعاهدة حظر التجارب النووية . وفي القرار 1859 لسنة 2008 قرّر مجلسكم مراجعة القرارات المتعلقة بالحالة بين العراق والكويت وبالحالة المتعلقة بالعراق لكي نتعرف سوية على الالتزامات المتقابلة للمجتمع الدولي ممثلا بمجلسكم وبالالتزامات المترتبه على العراق ، وكانت نتيجة هذه المراجعة ان اعتمد مجلسكم في 15 كانون الاول 2010 ثلاثة قرارات مهمة( 1956 و 1957 و 1958 ) انهت بموجبها جميع الالتزامات المترتبه على العراق باستثناء ما يتعلق منها بالقضايا الثلاثة التي تتعلق بالحالة بين العراق والكويت ، وهي أولا قضية المفقودين الكويتيين والممتلكات وثانيا صيانة الدعامات الحدودية وثالثة التعويضات . وفيما يتعلق بأولا ، فبموجب التعاون الثنائي بين البلدين تم انجاز تقدم كبير في هذا الجانب ما كان يمكن ان يتحقق من دون تعاون جدّي من قبل الجهات العراقية المختصة، ونحن مستمرون في هذا المسعى ، وسنزيد من وتيرة هذا التعاون خلال الفترة القادمة ، وبموجب القرار الذي تم اعتماده في هذه الجلسة فقد انتقل هذا الملف الى احكام الفصل السادس من الميثاق. وفيما يتعلق بصيانة الدعامات الحدودية فقد توصلنا من خلال التعاون العراقي – الكويتي ومن خلال آلية اللجنة الوزارية العراقية – الكويتية المشتركة الى توقيع الوثائق الخاصة بتنفيذ الاجراءات المترتبه على العراق بموجب قرار مجلس الامن 833 لسنة 1993 ، وفي هذا الصدد أود ان أشير الى رسالة الامين العام الى رئيس مجلس الامن بتاريخ 12/6/2013 التي يشير فيها الى انتهاء المهمة الموكلة اليه بموجب القرار 833 لسنة 1993 . وعلى هذا الاساس فقد اوفى العراق بجميع الالتزامات المترتبه عليه بموجب ذلك القرار . اما قضية التعويضات فان العراق ملتزم بتسديد النسبة التي قررها مجلس الامن استنادا الى الآلية التي رسمتها لجنة الامم المتحدة للتعويضات ، وهذه الالية قد ضمنها قرار مجلس الامن 1956 لسنة 2010 بموجب آلية ترتيبات الخلف لصندوق تنمية العراق . وعليه يا سيادة الرئيس ، فاننا نعتبر ، انه باعتمادكم لهذا القرار ، فان العراق قد اوفى بجميع الالتزامات المترتبة عليه في قرارات مجلس الامن بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، وان هذا التاريخ 27/6/2013 سيشكل تاريخا مفصليا في العلاقة بين العراق والمجتمع الدولي يؤشر ان قرارات الفصل السابع من الميثاق المفروضة على العراق اصبحت جزءا من الماضي . كما ان هذا التاريخ من ناحية اخرى سيشكل تطورا نوعيا في العلاقة بين العراق والكويت . ان كل سلبيات العلاقة بين البلدين الشقيقين اصبحت جزءا من الماضي ، واننا سنركز على الحاضر والمستقبل وما يمكن ان تحققه العلاقات الاخوية بين البلدين من توطيد دعائم السلم والامن والاستقرار في المنطقة ، وان توجه جهود هذين البلدين الغنيين لتطوير وتعزيز تنمية مستدامه تنعكس نتائجها الايجابية على كلا الشعبين الشقيقين وعلى عموم المنطقة العربية . ان ما انجزه العراق والكويت من تعاون سيكون مثالا يحتذى به في حل النزاعات بين الدول بالوسائل السلمية . السيد الرئيس ان العراق بلد غني بما يمتلك من ثروات وقدرات مادية وبشرية تؤهله للعب دور مهّم وحاسم في استقرار الشرق الاوسط ، واذا كانت هذه القدرات تتأثر بالتحديات التي تواجهها العملية السياسية داخليا من جهة ، والحرب على الارهاب من جهة ثانية، وما يجري في المنطقة من تطورات وتغيرات سياسية من جهة ثالثة ، فان جميع الاطراف المشاركه في العملية السياسية متفقة وعازمة على مجابهة تلك التحديات من خلال شراكة وطنية تضع مصلحة العراق العليا في المقام الاول وبالشكل الذي يعود بالفائدة على استقرار المنطقة ، وتعمل جميعها على تأمين السلم الاجتماعي وعدم العودة بالعراق الى شفير الاقتتال الطائفي . وسنلجأ الى الدستور لحل قضايانا والى صناديق الاقتراع لأختيار ممثلينا في مجالس المحافظات وفي الحكومة . فلقد انجزنا خلال الفترة القريبة الماضية انتخابات مجالس المحافظات بنجاح ، وامامنا خلال الشهور القادمة الانتخابات التشريعية التي سنخوضها بذات التصميم الذي خضنا به الانتخابات السابقة بشفافية ونزاهة وبمراقبة المجتمع الدولي، وستأتي حكومة منتخبة من قبل الشعب تمضي بالعراق الديمقراطي الاتحادي الموحد الى التقدم والامان والاستقرار وتساهم في استقرار المنطقة وأمنها وتعزيز تنميتها ورخائها . السيد الرئيس بعد ان انجزنا كل متطلبات المجتمع الدولي ، بقي امامنا تحديان رئيسيان ، وفي مقدمتها الحرب على الارهاب والتطرف الديني والانتصار عليهما، وهذا لايمكن تحقيقه من دون جهود ذاتية وتعاون دولي ، لأن الارهاب اخذ بعدا عالميا عابرا للاوطان ولايمكن الانتصار عليه الا بالتعاون الدولي ، وامامنا في الوقت نفسه تحديات اعادة الاعمار بالشكل الذي يؤمن تنمية مستدامه للاجيال القادمه ، وهذا ما يصعب تحقيقه من دون بيئة آمنة وسلميه ومن دون المساعدة الدولية ، وعليه فاننا نتطلع الى مساعدة المجتمع الدولي من اجل تحقيق تلك الاهداف . وفي الختام نكرر شكرنا وتقديرنا لمجلسكم الموقر ، وسيظل تعاون العراق مع المنظمات الدولية وفي مقدمتها الامم المتحدة اساسا في سياسة العراق الخارجية وعلاقاته الدولية . والعراق اليوم عاد بلدا مسؤولا وكامل السيادة الى مكانته الطبيعية في الاسرة الدولية ليمارس دوره البنّاء والايجابي في اشاعة السلم والاستقرار وتحقيق التنمية لشعبه وللمنطقة . وكما كان العراق مهد الحضارة والاشعاع فسيكون مهدا للتعاون والسلام والاخاء لشعبه ولجيرانه وللعالم . وشكرا . |
Leave A Comment