حب أفتراضي/خيري إبراهيم كورو
كل هذه المفاهيم أصبحت لها تعاريف جديدة ولم يبقى شيء يمكن أن يكون من البديهيات. في هذا العالم الذي أصبح الكومبيوتر يتحكم في كل شيء، لم يبقى الكثير مما هو حقيقي كل شيء أصبح افتراضيا، كل شيء أصبح عديم الطعم واللون والرائحة… ويمكن أن لا نحزن ولا نتألم على أي شيء أصبح افتراضيا ومعلبا في حياتنا، ولكن أن يصبح الحب أفترضيا ومعلبا فهذا هو الذي يدمي القلب.
نسمع كثيرا عن حكايات وقصص الحب الغريبة والعجيبة على النيت، والتي يعتقد أبطالها أنهم يعيشون حالات حب ترتقي إلى مستوى قصص الحب الكبيرة مثل ممو زين وقيس وليلى التي يتحدث عنها الناس إلى يومنا هذا، وهم لا يعلمون أن حكاياتهم مجرد برامج صغيرة في مصفوفة عملاقة أفتراضية تزدحم بملايين البرامج التي تولد وتموت خلال فترة وجيزة. وبعد أن كان الشباب والشابات يلتقون ويتعرفون على بعضهم البعض في الحفلات والأعراس والأعياد ومواسم الحصاد، وتولد قصص الحب تحت ضلال السنابل، وكان لهذا الحب صوتا وطعما ولونا ورائحة، أصبحوا يتعرفون على بعضهم البعض على الفيسبوك والتويتر والمئات بل الآلاف من مواقع التعارف والجات الأخرى فتولد قصص حب مشوه تحت ضلال صور معلبة لا يعرف أبطالها بعضهم البعض إلا من ملامح الحروف والكلمات المزيفة التي تنتقل من قصة حب إلى أخرى بسرعة البرق في عالم أفتراضي أدمنا جميعا عليه.
أنقل لكم هنا قصة حب افتراضية رواها لي احد الزملاء، واقسم لي أن هذا بالضبط ما حدث له. وهو في العقد الثالث من عمره، متزوج، ويحمل شهادة جامعية، وهو مدمن على مواقع الجات ويقضي جل أوقات فراغه على الكومبيوتر. حكى زميلي هذا وقال انه تعرف على فتاة من روسيا في احد مواقع الجات، وبعد أن تحدثوا مع بعضهم طبعا عن طريق الرسائل القصيرة، أعجب بها كثيرا، وبعد ستة أشهر من العلاقة بينهما تحدثوا فيها عن كل شيء من السياسة إلى الدين إلى الجنس إلى الأسرة والأطفال حتى لم يبقى شيء إلا وتحدثوا فيه، ويقول زميلي هذا بأنه أصبح متيمنا بها مع انه لم يرها قط، لكنهم أخيرا وقبل عدد أيام كما يقول هو، قرروا أن يفتحوا كاميراتهم. حيث قال: عندما فتحت كاميرتها فرحت كثيرا حيث كانت جميلة جدا، لكنني تفاجئت أنها مازالت تتحدث معي عن طريق الرسائل وهنا كانت الصدمة، حيث قالت أنها لا تستطيع الكلام وإنها خرساء. وتابع زميلي يقول: وهنا انتهت علاقتي وقصتي معها…
هذا نموذج من قصص الحب الافتراضية في عالم النيت، وأنا متأكد إن هناك المئات من القصص الأكثر غرابة. حيث المشاعر فيها مجرد كلمات تسرق من هنا وهناك للتسوق بها في عالم كل شيء فيه مقلد ومزيف.
Leave A Comment