الخبر الأخير: توقفت آكانيوز/بدران أحمد حبيب*
في البدء ظننت أن إنفاق المال من أجل تحقيق هذا الهدف لا يجب أن يحسب له حساب، لكن دار آراس التي أسست هذه الوكالة (آكانيوز) لم تكن قادرة على تغطية النفقات اللازمة لتسيير شؤون آكانيوز.
كانت آكانيوز وكالة أنباء مستقلة حقا. فخلال ما يقرب من أربع سنوات من العمل، لم نمل قيد شعرة إلى طرف سياسي بعينه، اللهم إلا إن مرّ علينا شيء في حين غفلة ولم ننتبه له. في بلد تطغى على كل جوانب الحياة فيه الصراعات السياسية الضيقة، وفي بلد يقاس فيه كل شيء بمقياس التحزب الضيق الأفق، كان عملا جبارا وصعبا للغاية التمكن من العمل بصورة مستقلة محايدة. هذا في حد ذاته خير دليل على نجاح آكانيوز. وسيفخر الصحافيون الكرد، إن لم يكن اليوم فغداً لا محالة، بحيادية ومهارة آكانيوز. ولربما كان بإمكان المرء أن ينتقد مستوى الخبر عندنا وافتقاره إلى المعلومات الوافية، ولربما كنت أؤيد من يدلي بهذه الملاحظة أحيانا، لكن ذلك ظرفاً شاملاً لبلدنا، فليس فينا من يستطيع الوصول إلى مصادر الأخبار والمعلومات وصولا كاملا. وكان مفخرة كبرى حين قررت آكانيوز بصورة قطعية وجازمة ونفذت قرارها بعدم نشر أي خبر يخلو من الإشارة إلى مصدره حتى إن كانت الوكالة واثقة تماما من صحة الخبر، في وقت يزخر فيه الإعلام الكردي بالأخبار الملفقة المفبركة.
لم تكن آكانيوز في ظل الظروف التي ولدت فيها، قادرة على المباشرة فور تأسيسها ببيع أخبارها لتعيش على إيراداتها الذاتية. فكل الإعلام في منطقتنا يعتمد على دعم مالي، إذ لا عائدات له وخصوصا إن كان وكالة أنباء محترمة لا تنشر الأخبار المثيرة والمفبركة الرائجة سوقها عند عامة الناس. كان هدفنا يتمثل في نقل أكبر عدد من الأخبار المهنية الحيادية عن كردستان والعراق إلى الداخل عندنا وإلى الخارج في سائر الدنيا. وقد نجحنا في ذلك ولا يستطيع أحد أن يزعم غير هذا. فقد اقتبست الآلاف من أخبارنا من قبل الصحف الأجنبية في أنحاء العالم. ولقد كنا أصدق قناة في العراق حيث لا تسمع الصدق إلا قليلا.
أخيرا، استطاعت آكانيوز تخريج مئات من الكوادر الصحفية من مراسلين ومحررين يعملون بمهنية. غادر كل هؤلاء آكانيوز وعيونهم تدمع. أود أن أشكر لهم إخلاصهم لهذا العمل ذي الخلق الرفيع ألا وهو الصحافة المهنية. ولا شك أنهم، حيثما عملوا، سيحفظون هذه الخبرة التي تلقوها في آكانيوز ويعملون على تنميتها لتبقى روحية وكالة كردستان للأنباء "آكانيوز" حية.
*مدير عام وكالة كردستان الأنباء "آكانيوز"
Leave A Comment