إنّ قرار اجراء الاستفتاء على الرغم من عدم رضا وملاحظات بعض الأشخاص من داخل كردستان على التوقيت ومخاطر نتائجه، لكنه نال دعم أكثرية الشعب الكردستاني.
هنا لا أريد التحدث عن حقيقة وصحة أو خطأ قرار اجراء الاستفتاء، لاشك بأنّ كُلّ عمل وحدث له إيجابياته وسلبياته، فواجب الكتّاب والأكاديميين أن يكتبوا بموضوعية عن هذه الأحداث المهمة والتاريخية، لكي يستخلصوا منها الدروس للمستقبل وبجميع الجوانب المخفية والعلنية، ويضعوها بمتناول فكر وقلم الأكاديميين وتحليلهم. لنا الحق كشعب كردي أن تكون لدينا دولتنا في هذا الجزء من كردستان، لكن ما بين الحق وكيفية أخذ الحق ثمة اختلاف بالرأي.
المناضلون والسياسيون الذين كانوا لسنوات في ساحة النضال والعمل السياسي وعلى الرغم من الملاحظات المختلفة على أدائهم وعملهم، لكنهم استطاعوا أن يحققوا إنجازات كبيرة لشعبهم. اجراء الاستفتاء باعتقاد بعضهم كان فرصة ومحاولة للحصول على مكاسب أكثر لشعبهم، لهذا باعتقادي لا يجوز أن نقلل من احترامهم ونضالهم، يمكن انتقادهم على طريقة العمل، وإدارة مسؤولياتهم، كذلك باعتقادي ليس من المناسب لهم ومؤيديهم بسبب نضالهم أن يمنوا على أناسهم، لأن النضال من أجل تحرير قوميتهم كان واجباً عليهم، والإنجازات كانت بدماء وتضحيات الكثير من الناس والسياسيين، على الرغم من تعبهم كانوافي مقام عالٍ وافادوا في نيل الشهرة الداخلية والعالمية.
الهدف الأساس من هذه الكتابة أنّ مؤيدي الاستفتاء والذين لم يكونوا مع إجراء الاستفتاء ،من المهم لهم أن ينظروا إلى الجوانب الإيجابية والسلبية في ذلك الحدث، وان لا ينظروا من جانب واحد إلى ماحدث أوالأحداث المقبلة، وان لا يكون أحدهم عدواً للآخر. علينا رؤية مخاطر العداوة مع بعضنا بعضاً التي مع الأسف نرى أنها أصبحت سبباً لكي يعبّر عدد من المواطنين عن عداوتهم للإقليم والمؤسسات الرسمية، هذه المؤسسات أكبر من مسؤوليهم ومدرائهم، هذه المؤسسات التي تعطي مكانة رسمية وسلطة قانونية ورسمية للمسؤولين. المؤسسات هي ملك عام، والمسؤولون هم ممثلو الشعب ولخدمة الشعب والوطن، يأتون ويذهبون، لكن المؤسسات هي دائمة وباقية. ويجب علينا ان لا ننسى أن كثيراً من المخلصين يعملون كجنود مجهولين. وبعد تأسيس برلمان كردستان وحكومة الإقليم عملوا لبناء وتطوير المؤسسات العامة الحكومية، ومن أجل ذلك أعطوا الكثير من الضحايا، لكي تكون هناك حكومة لإقليم كردستان. ولكن على الرغم مما تحقق من نتائج محزنة ومؤثرة بعد الاستفتاء، إلا أن التصويت بنعم، للاستقلال. كان صرخة كردية جريئة، يجب ألا نقلل من قيمتها، علينا أن نحتفل به كيوم تاريخي ووطني كبير، أتمنى أن يصبح بداية يوم للمصالحة الوطنية، وعلى كل شخص وكل طرف ان ينشر رسالة التسامح والأخوة القومية والوطنية، وكفى للحقد السياسي بالتعامل مع بعضنا بعضاً. لدينا الكثير من المشاكل، لكن هناك طرق للمعالجة ولدينا قدرة على حلها تحت أيدينا. معالجة المشاكل تكون في أربيل العاصمة قبل أن تكون في بغداد والعواصم الأخرى، المعالجة في المؤسسات الرسمية العليا، من رئاسة الاقليم والحكومة والبرلمان ومؤسسات العدل. يجب أن نفكر ونتصرف كدولة ونحدد أهدافنا، حتى نكون أقوياء وتحترمنا الشعوب والدول الأخرى. مع الأسف أهدافنا ليست واضحة حتى الآن، إذ إن الرؤية الشخصية والحزبية مسيطرة على عمل الدولة والحكومة.
الفرص تأتي أمامنا، نتمنى ألا نفوّت أية فرصة ، لأنّ فن السياسة أكثر من فن صناعة الفرص، فهو فن كيفية الافادة من هذه الفرص التي تأتينا.
من الناحية السياسية والاستراتيجية، يجب أن تكون دائما الأهداف والقدرات موازية ومنسجمة، ويؤخذ بنظر الاعتبار التحديات الداخلية والخارجية، ونكون بعيدين عن العاطفة بتعاملنا، وننتهج سياسة واقعية وبالفهم الصحيح للنظام الدولي ومصالح الدول، ونخطو خطوات تجاه الوصول إلى الأهداف الوطنية، وهذا لا يتحقق من دون المؤسسات الوطنية وشخصيات مخلصة ذات كفاءة.
أربيل
Leave A Comment