من عامة الشعب الذين لا يعانون قوميا، بل تنحصر معاناتهم- وهي كبيرة وحقيقية، بما يمارسه الرئيس من تجاهل لمتطلبات الحياة، عيشا وتعليما وامنا، بما للكلمات من معان مترجمة، تعاكس حركة الهجرة للخارج او الانتفاض والثورة في الداخل.
الهوية الوطنية التي هي رابطة تنتجها قوانين الدولة السياسية ولاتتدخل فيها ارادات دول اخرى مخافة مس سيادتها، اخرجت منذ بروز الدولة القومية في اوروبا، الجنسية الوطنية وتأرجح الرأي بين انها عقد بين الدولة والفرد وبين كونها صيغة من شروط ترتقي لطائفة الاذعان لا ارادة للفرد فيها، لكن هذه الرابطة تأثرت بما جلبه التقدم الحضاري او بمعنى ادق بات مخجلا التأخر المقصود عن المواكبة ولو كان المكان في قائمة المواكبة في الذيل!
لذا تسعى الانظمة لترتيب صورتها حيث تكشف اضواء المجتمع المدني والدوائر السياسية الكبرى نقاط الضعف والتشوهات في الانظمة وبخاصة شرق الاوسطية منها، وتكون حجة احيانا للتدخل او تحريك اخرين للضغط الذي يقلق السلطات الحاكمة، وقد شهدنا امثلة كثيرة على الضغط المفضي للتبديل او مسارعة انظمة لتدارك ماقد يشكل مأخذا دوليا ضدها، فجرى سن وتعديل والغاء تشريعات كانت لسنوات خطوطا حمرا في المجتمعات الحاكمة في منطقتنا.
عراقيا، نحن الكردستانيون وجدنا ولازلنا نلمس الموقف الاستباقي المشكك في وطنيتنا، لدرجة ان يصار الى الكيل ضدنا بمكاييل وليس بمكيالين، ربما او اكيدا لاننا من عرق اخر ومن مذهب اخر، رغم ان عرقنا ومذهبنا لم يكونا يوما عائقا ولا اداة هجوم عند احزاب المعارضة العراقية يوم كانوا في خندق بجبل او بسهل، بل كانوا يشتمون ويهدون اركان نظام يقتلنا لان عرقنا طلب الحرية، وكانت رابطتنا بالاضافة للجنسية الورق رابطة اقوى هي الحياة النضالية والدم المسفوح شهادة.
لم تخل المراحل النضالية الاربعة التي عايشها جيلنا من دورنا ودور الثلة ذات العزم التي اختارت الكفاح كما اخترناه طريقا واسلوب حياة وكنا له مرجعية عقائدية تجتمعان عند مرجعية وطن، ومعروف ان نزف البارود يكشف كل مجاملة او مناورة، فطريق النضال الوعر القاسي لايترك مجالا وصنوه الموت المفاجئ بحيث تغطى الوجوه بغير قناع الغاز- وقد شح قناعه يوم ارداه، اقول، ان فصل الاعداد للثورة وسنوات اندلاعها وسنوات بعدها من نكسة الربيع ثم الطريق لانتفاضة الربيع فسفح سنوات قبل حرب2003، كلها وبما فيها لنا وعلينا ولاخوة نضالنا وعليهم، لم يك في معجم العمل فصل يصل فيه طريق الاساءة الينا ان يجري تحويل مشاكلنا التي افرزها عقل يقصر عن حكم العراق ليجعل منا مشروع ودعاية انتخاب، وهذا جمع من اشد ذكريات سيضمها التاريخ الذي تحمله اجيالنا، التي ستردد بعد ان تستوعب شروحات بلا رتوش وتغيير او تلاعب، ان منهج العقل يفصح في اخر لحظات وربما في مفصل ما عن غاية الفرد وان حمل السلاح وان خسر عمرا وبنى مجدا لكنه اثر وسيلة واخفى غاية، هي بأختصار انه اراد السلطة ليس الا.
والمؤلم ان الذين عرفونا في النضال انكرونا امام بوبات القصور، وانهم احبوا عدوى السلطة فزاغت ابصارهم.
“فما عدا مما بدا” هذه المقولة التي اطلقها علي بن ابي طالب يوم الجمل لمن ارادوا قتله، فليتفكر بها المحرضون ضدنا وليذكروا وليدركوا معنى قول طرفة بن العبد عن ظلم ذوي القربى